Site icon IMLebanon

غليان سياسي… وسيناريوهان

 

هدوء الجائحة الكورونية التي أرخت بظلالها على الملفات السياسية كافة، ما خَلا بعض المناورات المحدودة ضمن إطار الهوامش التي يتركها «حزب الله» لحلفائه، سيخرقها غليان الجائحة السياسية في الاسابيع المقبلة.

تاريخان فاصلان سيشكّلان بداية تأسيس لمرحلة جديدة، أو تتحدد على إيقاعهما وتوقيتهما بدايتها:

 

الأول هو تاريخ رفع الحجر أو التعبئة العامة، وعودة الحياة الى طبيعتها وإن لم يكن بشكل كامل. مع ما يعنيه هذا التاريخ من عودة الحركة السياسية الغربية المكوكية على خط الملف اللبناني، اضافة الى عودة الزخم الى الشارع. مع فارق بسيط «انّ الشارع اليوم لن يتحرك على وَقع ألحان الثورة وتمايل المتظاهرين والمحتجّين. بل سيتحرك على وقع بطون خاوية ونفوس غاضبة، مستعدة لحرق الأخضر واليابس. وقد تتداخَل على خطها المحاور الخارجية وتصفية الحسابات الداخلية، واحتمال وجود المندسّين والطامحين والطامعين، كتفاً إلى كتف مع المنتفضين الصادقين المقهورين».

 

امّا التاريخ الثاني فهو موعد إصدار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، حكمها في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريرى. وهو الحكم الذي سيحمل على الأرجح، إدانة غير مباشرة لـ»حزب الله»، عبر الإدانة المباشرة للمتهمين الأربعة. إدانة قد تشكّل هي أيضاً أداة ضغط سياسية جديدة، خصوصاً في ظل مناخات «المظلومية السنية» المشغول عليها في الداخل، ورفع الامم المتحدة في الخارج بطاقات القرارت الدولية الحمر، بوجه الحزب الناظم للأوضاع اللبنانية كافة، على وتر سلاح المقاومة وتحت سقف الاستراتيجية الكبرى.

 

ما بين هذين التاريخين وبعدهما، ثمّة سيناريوهان اثنان باتا مطروحين لمقاربة الوضع اللبناني، لدى أكثر من دائرة ناصحة أو مؤثرة أو مقررة:

 

السيناريو الاول يقول بتَرك لبنان يبلغ حد الانهيار الكامل. مع ما يعنيه ذلك من فوضى معيشية اجتماعية، ستتداخل مع أحداث أمنية متفرقة بعد دخول البلد مرحلة الفقر والجوع غير المسبوقين. وهو السيناريو الذي بدأ جلياً تَبادل الاتهامات حول من يقف خلفه ومن سيكون المستفيد منه:

 

ترويكا الحزب في السلطة (أي باسيل – بري – الحزب) تتهم واشنطن بدفع بيروت إلى هذا الوضع، بغرض الضغط على الحزب للتنازل في الملفات المطلوبة غربياً. فيما ثمّة اتهام مقابل للحزب من قبل خصومه، بأنه هو من دفع ويدفع، مباشرة عبر ممارساته، وبشكل غير مباشر عبر ارتكابات ترويكا سلطته وموبقاتها كافة، ليكون المستفيد الوحيد من سيناريو الفوضى، كونه الأقوى على الأرض. ومن يسيطر بالقوة على الأرض، يمتلك لاحقاً وحده الحق في أي تفاوض أو تسوية…

 

أمّا سيناريو الخيار الثاني، والذي بدأت تهمس به الاوساط السياسية والحقائب الديبلوماسية، فهو خيار «الحكومة العسكرية « أو شبه العسكرية.

 

وهنا أيضاً تتباين الصيَغ المطروحة، بحسب من يتهم الآخر بالتآمر بواسطتها. إذ يتحدث البعض عن حكومة عسكرية كاملة، تسقط العهد والحكومة معاً وتحفظ لبنان من السقوط الامني والسياسي والاقتصادي الحتمي في ظل حكم الترويكا المذكورة. بما يضمن نوعاً من التوازن بين الدولة والدويلة المتداخلتين. ويضمن عدم ذهاب اي مساعدات خارجية في خزائن الحزب أو السياسيين المسؤولين عن فساد الفترة السابقة برمّتها…

 

فيما يتحدث بعض آخر عن التحضير للذهاب إلى حكومة شبه عسكرية، أو مختلطة أو هجينة. وفق صيغة يمكن تأمين تقاطع حولها. بين محور طهران في بيروت، الذي سيقبل بها، لإنقاذ حسان دياب بعد إفلاس صيغته وتتويجها بفيلم ترويجي لا غير… وبين المحور المناوئ للوصاية الإيرانية على لبنان، الذي سيقبل بالصيغة نفسها، لعله يتمكّن بواسطتها من إدخال عناصر جديدة ضمن معادلة السلطة، يمكن أن تتسِم بالحكمة والدراية، لتعيد إنتاج نموذج مصطفى الكاظمي في تركيبة الدولة اللبنانية…

 

المهم أنّ هذا البحث يبدو أنه وصل مباشرة الى مسامع بعض المسؤولين اللبنانيين، كما بلغهم كلام غربي وعربي يشجّع عليه. وهو ما دفع هؤلاء إلى الرد عليه من أبراجهم العاجية أو الغازية، بالتأكيد على قوتهم المزعومة واستحالة سقوطهم أو إسقاطهم بأيّ شكل من الأشكال. فضلاً عن بداية «تَنقيرهم» على الحزب لابتزازه، وتسميع الخارج لاستدراج عروض الاستسلام المشرّف…

 

باختصار، المرحلة المقبلة خطيرة وصعبة جداً. وعجلة الانهيار قد تتدحرج ككرة الثلج التي تهرول سقوطاً من أعلى الجبل جارفة معها بيوتات ومقرّات وأسماء كثيرة…