… ويبدأ اسبوع ثالث على تشكيل الحكومة الاولى للعهد الجديد: في مقياس الحكومات السابقة فإن الوقت المستهلك حتى الآن يُعتَبَر قصيرًا جدًا، فكم من حكومة منذ الطائف وحتى اليوم استغرق تشكيلها ما يقارب الخمسة أشهر.
في مقاييس جديدة يجري وضعها، على أساس اننا في عهد جديد، فان ثلاثة أسابيع ليست قليلة، وان الاحباط بدأ يتسلل الى قلوب المواطنين الذين يروا في هذا العهد قدرة على تجاوز الصعوبات والعراقيل والألغام والأفخاخ.
***
هناك نظريتان في البلد لجهة الظروف لتشكيل الحكومة:
النظرية الاولى تتحدث عن ان التغيرات الدولية تستدعي تمهلاً في التشكيل الى حين تبلور التحولات الدولية.
النظرية الثانية تتحدث عن ان القوى المعنيّة بالتشكيل تُلِح على الإسراع في إنضاج الحكومة خشية أن تتسارع التطورات فتدفع عملية التشكيل الثمن.
***
بين النظريتين تتقدّم نظرية الإسراع، وذلك للإعتبارات التالية:
بعد عيد الإستقلال يكون البلد قد دخل عمليا في مدار أعياد نهاية السنة، وفي الأعراف والتقاليد والسوابق فإن نهاية السنة هذه عدوة السياسة حيث ينصرف السياسيون والمسؤولون إلى إجازاتهم فتهمد الحركة السياسية وتدفع الإستحقاقات الثمن.
هذا السبب يدفع بالمسؤولين الى الاسراع.
الاعتبار الثاني ان الإنتخابات النيابية اقتربت، وايار على الأبواب، وما لم تتشكل الحكومة حتى آخر السنة فان وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال نهاد المشنوق سيتولى هو الدعوة الى هذه الإنتخابات، وان حكومة تصريف الأعمال هي التي ستُشرف على هذه الإنتخابات.
الإعتبار الثالث ان لا أحد من القوى المعنيّة يريد أن تجري الإنتخابات النيابية وفق قانون الدوحة المنبثق من قانون الستين، لكن إعداد قانون جديد يستلزم حكومة جديدة لا حكومة تصريف أعمال لأن حكومة تصريف الأعمال لا تستطيع أن تجتمع لتعد قانونا جديدا وتحيله على مجلس النواب. فالمجلس لا يستطيع أن يناقش حكومة تصريف أعمال.
***
لكل هذه الأسباب مجتمعة، ولغيرها، يُفتَرض الإسراع في عملية التشكيل خصوصًا ان الخطوط العريضة للتشكيلة الحكومية ليس هناك من خلاف عليها لأن معايير الحصص باتت واضحة:
الحكومة الثلاثينية مؤلفة من 15 وزيرًا للمسيحيين و15 وزيرًا للمسلمين.
الأحجام في مجلس النواب تحدد الأحجام في مجلس الوزراء، والأحجام واضحة وليس فيها أي التباس.
الحقائب السيادية محسومٌ توزيعها ولا خلاف عليها، حتى الحقائب الأساسية والخدماتية جرى تضييق هوّة الخلاف حولها.
في هذه الحال فإن ما يتبقى هو روتوش للتشكيلة. وما يعزز هذا الإحتمال ان الحكومة الاولى في هذا العهد هي حكومة اجراء الإنتخابات النيابية في أيار المقبل، وبعد هذا الاستحقاق تستقيل ليُسمّي مجلس النواب الجديد الرئيس سعد الحريري مجددًا، وعندها تنطلق حكومة جديدة استنادًا الى كتل نيابية في مجلس نواب غير ممدد له.