Site icon IMLebanon

حربان قد تستدرجان حرباً كبرى؟

 

لا هدوء الرئيس سعد الحريري في إطلالته التلفزيونية الأخيرة طمأنَ إلى أنّ الأزمة الناجمة من استقالته آيلة إلى المعالجة، ولا هدوء الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله طمأنَ إلى أنّ الحرب التي تُهدّد بها إسرائيل لن تقع. فالمتعارَف عليه أنه عندما يكون هناك خطرٌ ما محدِق يلجَأ المهدَّدون به إلى التعاطي معه بمنتهى الهدوء والرصانة. ولكنّ البعض ذهب إلى القول إنّ هدوء الحريري ونصرالله كان يشبه «هدوءَ ما قبل العاصفة».

يقول سياسيون متابعون لمسار الأوضاع في لبنان والمنطقة، استناداً إلى معلومات تجمّعت لديهم من مصادر ديبلوماسية وإقليمية ودولية مختلفة، في معرض حديثهم عن الحرب المتوقعة، إنّ إسرائيل بدايةً لم تعُد تتحمّل الحجم العسكري الضخم جداً الذي وصَل اليه «حزب الله»، أكان ذلك من خلال قوّته الصاروخية، أو قوّته الاختبارية بعد المعارك والمواجهات الكبيرة التي خاضها في سوريا، وهنالك في إسرائيل مناخ الآن يعبّر عنه الاسرائيليون فيقولون إنه «كان من الخطأ أن نوقفَ الحرب عام 2006 أو أن لا نستعمل كلَّ الطاقات حينذاك لردعِ الحزب لأنه اكتسَب قوةّ أكبر، وإن لم نفعل اليوم فسيَكتسب مزيداً مِن القوّة في السنوات المقبلة».

وهذا المناخ الاسرائيلي تمّ تسويقه لدى الولايات المتحدة الاميركية وتبنّاه الرئيس دونالد ترامب فسارَع الى البدء في إعادة النظر في الاتفاق النووي مع ايران وبعدها اتّخاذ تدابير ضد السلطات الايرانية عموماً وضدّ «الحرس الثوري» الإيراني خصوصاً، وكلّ الإشارات الآن تدلّ إلى أنّ ترامب خرَج من مرحلة المساكنة ودخلَ في مرحلة المواجهة بإعطائه الضوءَ الأخضر لإسرائيل.

وفي ضوء ذلك زار أحد مستشاري ترامب صهرُه جاريد كوشنر المملكة العربية السعودية وعَقد اجتماعات مع عدد من المسؤولين على مدى ثلاثة ايام، وأبلغ إليهم ما خطّطت له إسرائيل ضد لبنان عموماً، وخصوصا ضد «حزب الله» الذي يسود الآن بينه وبين الرياض «ما صَنعه الحداد»، علّه يكون للمملكة في ضوء علاقاتها ومصالحها في لبنان تحرّك لبناني وعربي ما مِن شأنه أن يغيّرَ هذا المسار الحربي الاسرائيلي، وذلك الدفع عبر في اتّجاه إحداث بعض التغييرات في خيارات لبنان وتوجّهاته، حتى ولو اقتضى الأمر تغييرَ الحكومة عبر استقالة رئيسها التي حصَلت من الرياض إثر محادثات أجراها قبل نحو عشرة أيام مع المسؤولين السعوديين.

وعلى رغم كلّ ما جرى فإنّ المعلومات المتداولة في بعض الدوائر المحلية والإقليمية والدولية تشير الى أنّ المنطقة برُمّتها تبدو وكأنّها على شفير حرب حقيقية ستتولّى اسرائيل الجانبَ اللبناني منها، في ظلّ مخاوف من تصاعدِ وتيرة الحرب في اليمن بين قوات التحالف العربي وقوات حكومة عبد ربه منصور هادي من جهة وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح والحوثيين من جهة ثانية، وقد يترافق ذلك مع حصار مطبق على اليمن.

ويقول هؤلاء السياسيون المطّلعون: «إذا أخَذنا التصريحات الإسرائيلية السابقة وسمعنا تهديدات المسؤولين الإسرائيليين بردّ لبنان ثلاثين عاماً إلى الوراء، واتّهام رئيس الجمهورية والدولة برُمَّتها بالتلازم مع «حزب الله»، معطوفاً على كلام آخَرللإسرائيليين بما معناه أنّهم أخطأوا في حرب العام 2006 ولم يستعملوا كلَّ الطاقات منذ اليوم الاوّل لهذه الحرب، يتبيّن أنّ المطلوب الآن استعمال هذه الطاقات فوراً ومنذ اللحظات الأولى. ويتحدّث الإسرائيليون عن غارات جوّية قد تشنّها ثلاثمئة طائرة منذ اليوم الاوّل بمعدل 1500 غارة يومياً.

وهنا يُطرح السؤال؛ ماذا لو خرَجت هذه الحرب عن الإطار اللبناني، وكذلك عن الإطار اليمني، والتحمت بإطار إيراني ـ خليجي عام مباشرةً، وتسبَّبت بحربٍ كبرى في المنطقة، لا بل ماذا سيكون موقف الولايات المتحدة الاميركية وروسيا حيال معيارٍ كهذا؟

خلال الساعات الاربع والعشرين الاخيرة لاحت في الأفق إشارات أميركية وأوروبية تتّجه نحو التهدئة، لكنّها لم تبلغ المستوى الذي يَبعث على الاعتقاد بأنّها ستُغيّر مجرى القرار الكبير المتّخَذ بشنّ الحرب.

فهنالك في إسرائيل مَن يقول إنّ هذه الحرب ستكون مكلِفة على الدولة العبرية وإنّ نظام «القبة الحديد»، أي نظام صواريخ «الباتريوت» لن يستطيع ردّ أكثرِ مِن 60 في المئة من الصواريخ، وإنّ سقوط 10 أو 15 في المئة منها على مدن أو مواقع استراتيجية اسرائيلية كافٍ لإلحاق اضرارٍ كبيرة، حيث إنّ اسرائيل تقول إنّ ايران طوّرت الصواريخ التي سلمتها لـ»حزب الله» من حيث دقة الإصابة.

على أنّ هؤلاء المتابعين يؤكّدون أنّ إسرائيل تمارس جانباً كبيراً من التهويل وتضخيم الامور، بحيث إنّ هناك شكّاً في أن يكون لدى «حزب الله» 200 ألف صاروخ، لكنّ هذا التهويل يدخل ضمن إطار التحضير الإعلامي والنفسي الإسرائيلي للعمليات الحربية.

ومِن هنا القلق الأوروبي على لبنان، خصوصاً حيال الدمار الذي يمكن أن يلحق به، وحيال التدهورِ السياسي، وكذلك التدهور الاقتصادي الذي يمكن أن ينجمَ عن ذلك، ويقول البعض في هذا السياق إنّ إسرائيل قد تستغلّ استقالة الحريري لكي لا تكون للبنان حكومةٌ في زمن الحرب تستطيع بصدقيةِ رئيسِها وعلاقاته الدولية أن تتّهمَ الدولة العبرية وأن تشكوَها للمجتمع الدولي.