IMLebanon

أنواع من الحرب  تطيل عمر داعش

كما في الشرق الأوسط كذلك في أميركا وأوروبا: اختصار كل العناوين بعنوان واحد هو الارهاب، مع انه مجرد وسيلة لتحقيق هدف جيواستراتيجي. وليس ذلك من باب الجهل بالعناصر المتعددة للأزمات المعقّدة أو من نقص الخبرة في المعالجة القابلة للنجاح بل من فعل سياسات منهجية انتهازية جيواستراتيجية يمارسها أصحاب الأدوار الكبيرة في الأزمات ومجالات توظيفها وتغطيتها باعلان الحرب على الارهاب. فلا المراجعات الدائرة في معظم العواصم لتجارب الحرب على الارهاب تذهب الى العمق بمقدار ما تدور حول محاولات لتحسين فاعلية المواجهة بالوسائل نفسها. ولا مجزرة شارلي ايبدو التي دفعت بسبب حدوثها في باريس الى المراجعات لسد النقص التقني في عمل الأجهزة الأمنية سوى سطر دموي في كتاب كبير فصوله مستمرة منذ سنوات وأكثر دموية في سوريا والعراق وليبيا واليمن وسواها.

ذلك ان أكثر ما يطيل عمر الارهاب، بدل أن يقصره، هو نوع الحرب عليه ومواقع الذين يحاربونه. وليس في مواجهة تنظيم داعش، حتى اشعار آخر، خطة جدية للقضاء عليه، سواء لبّى التحالف الدولي دعوة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الى تكثيف الغارات الجوية أو صحّت الرهانات على امكان القيام بعمليات برية. والكل يعرف محدودية الحرب التي تدار بثلاثة أنواع، بصرف النظر عن التكامل أو الاختلاف بينها.

الأول هو مقاتلة المشروع الداعشي ذي الطابع الديني المذهبي بقوى مذهبية سواء كان لديها مشروع مذهبي معاكس أو لا. فهذا ما يساهم في تعاطف مكونات اجتماعية مع داعش ويزيد من مبايعة الخليفة ابراهيم في بلدان عدة من أوساط لا تعرفه لكنها مشدودة الى حلم الخلافة.

والثاني هو تغطية ما ترتكبه الأنظمة الاستبدادية وما يشكله تدخّل القوى الأجنبية من استفزاز وإذلال لشعوب المنطقة، وما في المجتمعات من أمراض بشعار فضفاض هو الحرب على الارهاب.

والثالث هو سياسات توظيف الفوضى الدامية في مشاريع الحفاظ على الأنظمة والمحافظة على المصالح الاقليمية والدولية، ما دام البديل هو ادارة التوحش على أيدي داعش وأمثاله. فمنذ سنوات واللعبة تدار بترك الاستنزاف العسكري والأمني والسياسي والاقتصادي يأخذ مجراه. والنتيجة حتى الآن هي دمار العمران وخراب النسيج الاجتماعي. إذ كلما مرّ وقت على عسكرة المعارضة طغى التطرّف على كل شيء بما في ذلك سلوك الأنظمة حتى الضعيفة منها. وكلما اشتدّ التقاتل واتسع النزوح صار من الصعب، وان كان من الأمنيات، ضمان وحدة الأرض والشعب في كل من سوريا والعراق وليبيا واليمن.

وأكبر درس للجميع، وسط تعاظم الأخطار على لبنان، ان الوطن الصغير هو الأقدر على ردّ خطر داعش بالجيش الذي يضم كل مكونات الشعب.