IMLebanon

الإمارات والحدث التاريخي

 

من الآن والى أمد طويل يتجاوز عشرات الأجيال، سيبقى الحدث الذي شهدته أبو ظبي مسجّلاً في صفحات التاريخ  فهذا الحدث استثنائي (وتاريخي بالطبع). وإذا  نظرنا إليه بمقياس الحاضر واستناداً الى التاريخ لوجدنا أنفسنا أمام منعطف غير مسبوق بأبعاده كافة.

فليس أمراً عادياً أن يلتقي بابا الڤاتيكان وشيخ الأزهر على إعلان عالمي للأخوة الإنسانية.

صحيح أنّ اللقاء، بين الرجلين، ليس الأوّل (فهو الخامس)  إلاّ أنّ أبعاده شكّلت فوراً، وستشكل لآمادٍ طويلة مرجعاً يبنى عليه في مواجهات العصبيات، والتمييز الديني والعرقي، والاستئثار بالله تعالى من فريق أو أفرقاء…

لقد تضمن «إعلان أبو ظبي» الذي مهره بتوقيعيهما المرجعان المسيحي والإسلامي الكبيران، من المبادئ الإنسانية السامية ما يُفترض به أن يضع حداً للبغضاء «المزدهرة سوقها» بين أتباع الديانتين المسيحية والإسلامية.

وفي تقديرنا أنّ  الدور الذي أدّته دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا السياق سيظل علامة فارقة، بقدر ما هو درس لدول إسلامية عديدة (قريبة وبعيدة). فلولا هذه المبادرة الطيّبة التي اتخذها الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، لما كان لهذا الإعلان أن يصدر، ولكانت البشرية خسرت مثل هذا الإنجاز الإنساني الكبير، ويقتضي الإنصاف لدولة الإمارات أنها حققت  نجاحاً  كبيراً خصوصاً لجهة التنظيم الذي لمسه جميع من تابعوا فعاليات هذه المناسبة الكونية الاستثنائية.

فقد كان كل شيء «مضبوطاً على ساعة سويسرية» كما أخبرنا   البعض ممن حضروا هذه المناسبة الجليلة مباشرة من العاصمة أبو ظبي. أضف ما ترتب على المؤتمر من نفقات نفترض أنّها كانت كبيرة.

 

إلاّ أن ما حصدته الإمارات من المؤتمر لا يقدر بثمن، وتتضاءل أمامه الجهود المبذولة لنجاح المؤتمر وهي كانت كبيرة وملحوظة … وكذلك لا تقدر أمامه النفقات مهما عظمت..

فلقد برزت الإمارات دولة طليعية استأثرت بالاهتمام العالمي وخطفت الأضواء منذ ما قبل المؤتمر الى ما بعد انتهاء  فعالياته. وستظل ماثلة في التاريخ طويلاً وطويلاً على أنها نظّمت اللقاء التاريخي.

وقدّمت الإمارات ذاتها،  من خلال المؤتمر، واحة للتسامح والإنسانية والمساواة وحوار الأديان والحضارات. وهو النهج  الذي رسمه الرئيس المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

ومشاركة حاكم دبي نائب رئيس الإمارات الشيخ محمد بن راشد وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد في التوقيع على الوثيقة التاريخية الى جانب توقيعي قداسة البابا فرنسيس الأوّل وفضيلة شيخ الأزهر أحمد الطيب… هذه المشاركة أدخلت  الرجلين التاريخ من بابه العريض… الأعرض من العمران والإزدهار اللذين تنعم بهما الإمارات  وبالذات أبو ظبي ودبي.

كما تحول المؤتمر الى سانحة  نقلت الى المليارات، في العالم كلّه، الوجه الحضاري – العمراني – الإزدهاري لهذه الدولة المتحدة الفتية، وتكشفت  عن إصرار أكيد على مواكبة العصر بعيداً عن الانزواء في قوقعة التعصب والتخلف.

إنها مناسبة لنبارك للإمارات هذا الإنجاز الكبير، وللبشرية جمعاء هذه الوثيقة التي لا تقل في نظرنا عن شرعة حقوق الإنسان بأبعادها الكثيرة وفائدتها العميمة.