Site icon IMLebanon

٢٤ شباط …الأوكراني والنظام العالمي الجديد

 

 

يوم ٢٤ شباط ٢٠٢٢ اعاد اوروبا والعالم الى هواجس ما قبل تأسيس الامم المتحدة ١٩٤٥،والى محطات الحرب الباردة والنزاعات الايديولوجية والاستراتيجية التنافسية بين الدول الرأسمالية والشيوعية مع إستخدام الادوات العسكرية في المناطق الساخنة لتحقيق الاهداف الباردة، واجتياح اوكرانيا يذكرنا بتداعيات الدخول العسكري السوفياتي الى هنغاريا في ربيع براغ  ١٩٦٨ بالاضافة الى الدخول السوفياتي الى افغانستان في ١٩٧٩ وتحولاته العربية والإسلامية بالاضافة الى استخدام العصبيات الدينية والقومية مع حقوق الطبقات وحريات الافراد، وانتهت الحرب الباردة بانهيار المنظومة السوفياتية وبانتصار المنظومة الغربية الرأسمالية الديموقراطية والشروع الاميركي بالسياسات الاحادية والتنكر لدور الحلفاء الاوروبيين والكنيسة الكاثوليكية والمسلمين العرب في مواجهة الشيوعية.

 

 

جاء اجتياح اوكرانيا بعد اسابيع من التحضيرات والحشود العسكرية والقمم والاتصالات مع الرئيس الروسي بوتين، وجاء الاجتياح بعد اربعة ايام فقط من انتهاء اجتماعات مؤتمر ميونخ الدولي للأمن الذي يستضيف سنويا عشرات الرؤساء ومئات الوزراء والقادة الأمنيين لبحث التطورات والمخاطر العالمية، انعقد المؤتمر بين ١٨و٢٠ شباط الحالي حيث احتلت الازمة الروسية الاوكرانية الاولوية في المداولات الثنائية خلال المؤتمر الذي افتتحت اعماله بالتقرير الامني السنوي تحت عنوان (العجز الجماعي) الذي يشهده النظام الدولي نتيجة انهيار السياسات الاستراتيجية العليا لدى الدول الكبرى، وتحدث عن الازمات التي تسيطر على الدول الراسمالية الغربية الديموقراطية وفي مقدمتها الانتخابات الاميركية التي اصبحت تتحكم بالسياسات الاستراتيجية والتحالفات والشراكات العسكرية والسياسية التي اصبحت تعاني من التقلبات مع تغيير الحكام، ووضع التقرير الاستبيانات والخلاصات والمعطيات التي تجعل من اجتياح روسيا لاوكرانيا من البديهيات وتؤكد على ضرورة التحولات العالمية ما بعد ٢٤ شباط ٢٠٢٢.

 

ردات الفعل الاوروبية على الهجوم الروسي جاءت سريعة جدا من المانيا وفرنسا والاتحاد الاوروبي وقيادة الناتو، واعتبار ما يحدث في اوكرانيا يهدد الفكرة الاوروبية التي تحاول تجديد نفسها بالهواجس الامنية، وخصوصا الالمان والفرنسيين الذين يحاولون احياء الفكرة الاوروبية بعد خروج بريطانيا، وجاء اجتماع مجلس العموم البريطاني ليشكل سابقة بعد مبادرة زعيم المعارضة البريطانية الى تأييد مواقف رئيس الحكومة بوريس جونسون مما قد يشكل صحوة لدى الدول الديموقراطية الغربية من اوهام التنافسية الانتخابية مما اسس لاجتماع الرئيس ماكرون مع الرؤساء السابقين هولاند وساركوزي بالاضافة الى اول زيارة قداسة البابا فرنسيس الى السفارة الروسية خلافا للقواعد الفاتيكانية  وربما نشهد لقاء للحزبين الجمهوري والديموقراطي في اميركا على قاعدة (بيكر هاملتون) من اجل مواجهة الواقع وهو نجاح الدول الاستبدادية في صناعة الاستقرار والازدهار لمجتمعاتها من الحضور الروسي الدولي الى النجاح الاقتصادي الصيني.

 

انتهى يوم ٢٤ شباط ٢٠٢٢ بالمؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيس الاميركي بايدن بعد اجتماع الدول الصناعية السبع ليعلن عن فشل المهادنات السياسية في محاولة لإعادة بعث الحياة في منظومات الحلفاء والشركاء بالحديث عن اجتماع قمة رؤساء دول تحالف الناتو ودول الاتحاد الاوروبي من اجل اعادة ترميم  التحالفات بعد الانكفاء وانهيارالاحادية الاميركية والاختراقات السيبرانية والتقلبات الرئاسية الاميركية وتداعي المنظومات الغربية والاممية التي جاء إجتياح روسيا لاوكرانيا ليؤكد  (عجزها الجماعي) و سقوط الهيبة الدولية امام وباء (كورونا واوميكرون واوكرانيا)، مما يجعل من ٢٤ شباط ٢٠٢٢ يوم ولادة قيصرية قصرية لنظام عالمي جديد ستكون له انعكاساته وتحولاته الجذرية على كل دول المنطقة والعالم، مما يجعلني اعتقد ان بيروت ستشهد في الايام والاسابيع القادمة تموضوعات عربية واقليمية ودولية رفيعة ومتنوعة وجدية وسريعة وبعيدا عن الشائع حاليا من سياسات الخفة والاستتباع والارتجال والغوغاء.