IMLebanon

بوتين يُنهي الحرب في 9 أيار وتَكرُّ التسويات!

 

 

إذا صحَّت تقديرات بعض الديبلوماسيين، فإنّ حرب أوكرانيا على وشك الانتهاء خلال 3 أسابيع. وفي العادة، تكون الفصول الأخيرة من الحرب هي الأكثر شراسة، إذ يسعى المتقاتلون إلى تحقيق أقصى المكاسب قبل انطلاق المسار السياسي. ومع توقُّف الحرب هناك، ستتحرَّك التسويات الدولية المؤجّلة، وأوَّلها الملف الإيراني بتشعباته الإقليمية، ولبنان جزء منها.

يتمّ التداول في بعض الأوساط الديبلوماسية بمعلومات مفادها، أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستعدّ للإعلان عن الانتصار، وإنهاء الحرب في أوكرانيا، يوم 9 أيار، في ذكرى الاحتفال بيوم الانتصار على النازية في الحرب العالمية الثانية.

بعض الديبلوماسيين يعتقدون أنّ بوتين الذي يبدو اليوم في صورة المربَك أو المنهزم هناك، حقق أهدافاً استراتيجية في الحرب، وأبرزها السيطرة على المنافذ التي يحتاج إليها على بحر آزوف، وتالياً البحر الأسود، وعلى قسم من شرق أوكرانيا يربطه بشبه جزيرة القرم التي أعلن ضمَّها إلى الأراضي الروسية قبل 8 أعوام.

ويُعتقد أنّ انتهاء الحرب في أوكرانيا سيطلق الضوء الأخضر لتسوية العديد من الأزمات الدولية، ولاسيما الملف الإيراني. وعلى الأرجح، ستفتح الباب لتبلغ مفاوضات فيينا خواتيمها، علماً أنّ الاتفاق بين القوى الدولية وإيران بات منجزاً بالكامل، ولاسيما الشقّ المتعلق بالملف النووي. ولكن، كانت تعترضه نقطتان فقط هما:
1- إصرار طهران على أن تبادر واشنطن إلى شطب الحرس الثوري الإيراني عن لائحة المنظمات الإرهابية. ووفق هؤلاء، وافق الأميركيون على هذه الخطوة.

2- طلبُ الأميركيين أن تقتصر الصفقة على الطرفين فقط، ولا يكون الروس والأوروبيون جزءاً منها. وهذا الأمر لم يلقَ تجاوباً لدى الإيرانيين، لأنّهم يعتبرون وجود القوى الدولية الأخرى ضمانة لهم. وفي السابق، عندما خرجت إدارة الرئيس دونالد ترامب من اتفاق فيينا، عمل الروس على حماية طهران، كما ساهم الأوروبيون في تنفيس الضغوط الأميركية.

والتأخير في تحقيق إنجاز في فيينا ينعكس تأخيراً في إنجاز التفاهم الجديد بين إيران والسعوديين. فطهران تخشى الاستعجال في إبرام اتفاق مع المملكة حول المسائل الإقليمية، خوفاً من لجوء الولايات المتحدة إلى تعطيله، وهي تمتلك كثيراً من الأوراق التي تسمح لها بتحقيق هذا الهدف.

ولذلك، يفضّل الإيرانيون أن يبلوروا اتفاقهم النهائي مع واشنطن قبل أن يعلنوا التفاهم مع السعوديين. لكن الرياض تبدو أكثر استعجالاً لتسوية أزماتهم الإقليمية مع طهران، من اليمن فالعراق وسوريا وصولاً إلى لبنان، استباقاً لأي مفاجآت محتملة.

وفي ضوء هذه الإشارات الإيجابية الدولية والإقليمية، أي انتهاء الحرب في أوكرانيا، توقيع الاتفاق في فيينا والتفاهم الجديد بين السعودية وإيران، يعتقد ديبلوماسي مطّلع أن الضوء الأخضر لحلحلة العديد من الأزمات الإقليمية ربما اقترب، بما في ذلك الأزمة اللبنانية؟

فلبنان أصبح اليوم في الحضيض الذي لا مجال للانزلاق دونه. وربما تشهد الفترات القريبة المقبلة مقداراً من التدهور في لبنان، لكنه يبقى محدوداً، لأنّ البلد لم يعد يتحمّل انهيارات كبيرة إضافية. كما أنّ الحضانة الخليجية- الأوروبية، مالياً وإنسانياً، بدأت تتحوَّل واقعاً وستمنع الأسوأ.

في الصيف المقبل، سيوضع لبنان في غرفة الانتظار لدخول التسويات، تزامناً مع الانفراجات الدولية والإقليمية المرتقبة. وستكون الاستحقاقات الدستورية المنتظرة مناسبة للانتقال إلى مرحلة الإنفراج. وسيكون الرهان داخلياً على معالجة 3 ملفات متداخلة:
1- المفاوضات مع إسرائيل والاتفاق على ترسيم الحدود وتقاسم المخزونات البحرية من الغاز والنفط.

2- إنجاز الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على خطة نهوض متكاملة. وما تفعله اليوم حكومة الرئيس نجيب ميقاتي هو تعويم الخطة التي وضعتها حكومة سلفه الرئيس حسّان دياب، ولكن بعد تفاقم الخسائر.

وتستدعي مستلزمات التسوية إعادة هيكلة القطاع المالي- المصرفي بالكامل، بحيث تتوزّع الصلاحيات المناطة بحاكمية المصرف المركزي على أكثر من موقع، وتُعاد هيكلة المصارف التجارية العاملة لتشارك فيها مكوِّنات جديدة بشكل فاعل. وستكون موجودات الدولة هي الضمانة الأساس للحصول على مساعدات خارجية.

3- التفاهم على صيغة جديدة للبنان، تترجم دوراً جديداً له في الشرق الأوسط، في ضوء التحوّلات التي شهدتها المنطقة. وسيتحقق ذلك من خلال مؤتمر تأسيسي- دولي خاص بلبنان، برعاية القوى الدولية، وتكون فرنسا صاحبة المبادرة إليه وحاضنة له، بمشاركة السعوديين والإيرانيين. وثمة مَن يتحدث عن توجّه خليجي إلى إيلاء دمشق دوراً معيّناً في التسوية اللبنانية الجديدة.

وفق هذه القراءة، ملامح التسويات بدأت تظهر، وستنطلق من أوكرانيا، حيث يرتقب البعض إعلان روسيا عن انتهاء الحرب في 9 أيار. وإذا تحقّق ذلك، فستكرّ سبحة التسويات إقليمياً.

وقد لا تتجاوز فترة انتظار الانفراجات في لبنان نهاية العام الجاري، أي فترة الأشهر القليلة التي سيتمّ فيها إنجاز الاستحقاقين النيابي والرئاسي وتشكيل حكومة جديدة. وبعد ذلك، سيبدأ مسار النهوض الصعب، بشروط القوى النافذة، والذي سيستغرق سنوات في أي حال