من المبكر الكلام على التداعيات التي تنتظر العالم قاطبة، ولبنان بالذات، جرّاء حرب أوكرانيا. بداية يجب التأكيد على المؤكّد وهو أنه في هذا الزمن، سريع المواصلات والاتصالات، لم يعد ممكناً، لأي بلد، أن يكون معزولاً عن الأحداث الكبيرة في العالم، أياً كان نوع الحدث، سياسياً كان أو أمنياً أو اقتصادياً أو مالياً (…). فكم بالحري إذا كان عسكرياً كمثل الحرب الدائرة رحاها اليوم بين روسيا وأوكرانيا… في لبنان، بدأت التداعيات سياسية بامتياز، منذ أن أقحم المسؤولون أنفسهم في أتون هذا الحدث الجلل، من خلال اتخاذ موقف فاقع في صراحته، يتجاوز وضوحاً أي موقف يمكن لبلد صغير أن يتخذه إزاء حدث ضخم يتمثل في هذه الحرب الضروس التي يلعب أطرافها الرئيسيون «صولد» مكشوفاً، في أكبر مغامرة عسكرية وسياسية في القرن الحادي والعشرين، ينقسم حولها العالم كله، كبارُه والصغار، ومتوسّطوه أيضاً!
طبعاً، هذا الموقف اللبناني استُنْفِدَ بحثاً ونقاشاً وإبداءَ رأيٍ فيه طوال أيام الأسبوع الماضي، إلا أنه حرّك الهواجس الانتخابية، خصوصاً في شقّها الرئاسي انطلاقاً من أنه لا بد من أن يكون للجانب الروسي دورٌ ما في العملية الانتخابية الرئاسية اللبنانية، لاعتبارات عدة أبرزها دور موسكو المتعاظم مع القيصر فلاديمير بوتين، وأيضاً أن روسيا الاتحادية لم تعد «جوّات البحار» إنما صارت على الأبواب بالمعنى الحقيقي للكلمة وليس المجازي وحسب، وذلك من خلال وجودها المباشر والفاعل عبر الحدود اللبنانية – السورية والدور الأول لها في الشأن ذي الصلة بالحرب السورية وتداعياتها أيضاً.
اما على صعيد المحاور فالتأثير الروسي يتضخم في لبنان بسبب التحالف الروسي – الصيني – الإيراني، ونفوذ بوتين في التأثير على محادثات النووي الإيراني في فيينا.
والمؤمل أن «يروق شوي» أصحاب الرؤوس الحامية عندنا ويتذكّروا جيداً أن الصغار الذين يلعبون في نار الكبار يحرقون أصابعهم، فكيف يكون الأمر عندما لهيب النيران يطاول الأجواء ويتخطى الحدود على أجنحة تكنولوجيا آلات الدمار الشامل في هذا العصر؟!.