لا أعتقد أنّنا كلبنانيّين استطعنا أن نتعلّم على الأقلّ الأحرف الأولى من الدّرس الأوكراني الذي يتوجّب علينا أن نتأمّل يوميّاً أبعاده ومتابعة تفاصيله المرّة التي يتجرّعها شعب أوكرانيا، قبل أوكرانيا كنتُ أعتقد أنّ العالم من حولنا يعيش أزمة أخلاقيّة كبرى سببها انهيار منظومة الأخلاق السياسيّة، وغلب علينا الظنّ أنّ هذا سلوك العالم الغربي مع الشّرق الأوسط مع أفريقيا مع العالم الإسلامي، لكن فجأة وقعت أوكرانيا صفعة مدويّة على وجه الجميع!
نظرة على مشهد المنظومة الغربيّة والتي قد يبدو من بعيد أنّها كما الوصف القرآني “تحسبُهم جميعاً” خصوصاً أنّهم يطلقون على أنفسهم لفظ “الاتحاد” أو “المتّحدة” أو الاتّحاديّة”، لكنّهم على وجه الحقيقة وكما وصفهم القرآني “وقلوبهم شتّى”، تسلّل قليلاً إلى برامجهم السّاخرة ستجد أنّهم يسخرون من بعضهم بعضاً فاضحين كم هم ضعاف مشرذمين فاشلين حتّى في الدّفاع عن أنفسهم، ستفاجأ بدول تريد الهروب إلى استفتاءات الدّفاع المشترك، تكتشف كم نحن أمام قيادات أوروبيّة غبيّة ألقت بأوكرانيا في الجحيم الرّوسي بعدما غرّرت برئيسها الفتي الكوميديان والذي لا يزال وللأسف هو نفسه لم يتعلّم حرفاً من الدّرس الأوكراني الذي اكتشفه كصاعقة من اللحظة الأولى “لقد تُركنا وحدنا”!
تدخل الحرب الرّوسية ـ الأوكرانيّة يومها الثالث عشر والولايات المتّحدة الأميركيّة والاتحاد الأوروبي يتصرّفان ببلادة شديدة تشبه كلام رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون وهو يُشيد بأهميّة “الوحدة” التي يبدونها في مواجهة بوتين الذي تفاجأ بوحدة موقفهم السياسي منه!! هل هو ما هو صادم أكثر من هذا الكلام الغبيّ في لحظة استيقظ فيها الشّعب الأوكراني هارباً بأطفاله وحياته مُنتزعين من بيوتهم وأسرّتهم هاربين إلى دول أخرى مجاورة، وصحيح أنّهم من ذوي البشرة البيضاء والشعر الأشقر والعيون الزرقاء إلّا أنّهم في عرف هذا العالم بات يطلق عليهم اصطلاحاً تسمية اللاجئين، وأنّ هذا العالم مستمرّ في خداعهم ممعناً في التّخلّي عن وطنهم لأنّ أوروبا ليست الشقراء الناعمة الحنونة في لحظة المصالح ستكشّر الدول عن أنيابها وستتواجه فرادى وهي تتباحث في موضوع وقف شراء النّفط الرّوسي مثلاً، من الغباء تصديق الدعم الملياراتي بالسّلاح والمال وكلّ ما سواه بأكثر من غسيل اليديْن من دماء الشعب الأوكراني الذي ستتعاظم خيبته أمام حقيقة العالم!
“النّفط”، كأنّه كان ليكون عقوبة شافية للأرعن الأوكراني فلاديمور زيلنسكي وهو يصرّ على معاقبة بوتين بعدم شراء النّفط الرّوسي، لا أظنّه سمع أو يريد أن يسمع وإن سمع أن يفهم هل أصغى لكلمات المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبشترايت وهو يقول: “إنّ ثلث النفط المستخدم في بلاده يأتي من روسيا، ومن المستحيل استبداله بين عشية وضحاها” ونقطة انتهى!