IMLebanon

«مظلّة شماليّة زرقاء» لـ«فخامة» فرنجية

لم يكن الغداء التكريمي الذي أقامه مفتي طرابلس الشيخ مالك الشعار، أول من أمس، على شرف النائب سليمان فرنجية شكلياً، ولا بهدف تشديد أواصر العلاقة التاريخية بين طرابلس وزغرتا، بل لتأكيد دعم «التيار الأزرق» واحتضانه «البيك الزغرتاوي» في الاستحقاق الرئاسي

أكثر من عامل هام طرأ في الفترة الممتدة بين 28 تشرين الأول من العام الماضي، عندما زار رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية طرابلس والتقى مفتيها الشيخ مالك الشعار في منزل صديق مشترك، وبين زيارته لعاصمة الشمال أول من أمس بدعوة من الشعار نفسه.

فالزيارة الأولى، التي حصلت بعيداً عن الإعلام، جاءت بدعوة من رجل الأعمال سامر هلال الذي جمع في منزله بالمدينة، على عشاء، فرنجية مع المفتي الشعار وجمعاً ضيقاً من وجوه المدينة السياسية والاقتصادية. وفي تلك الليلة، حصل اتصال هاتفي بين الرئيس سعد الحريري وفرنجية، قبل أن يعقبه بأسبوع لقاء باريس الشهير بين الرجلين، والذي تبنى فيه الحريري ترشيح فرنجية لمنصب رئاسة الجمهورية.

خلال الأشهر الخمسة التي أعقبت زيارة فرنجية الأولى لطرابلس، كان المتابعون يتوقعون «نزلة» أخرى لفرنجية إلى طرابلس، تكون تكملة لزيارته الأولى، بعدما كان قد وعد الشعار بأنه سيزوره في منزله في المرة الثانية، لكن الظروف والتطورات جعلت الوقت المناسب لهذه الزيارة يتأخر إلى أول من أمس.

هذا «الوقت المناسب» اختاره الشعار بالتنسيق مع الحريري الذي «قال في اللقاء كلاماً إيجابياً عالياً»، حسب الشعار الذي أضاف أن اللقاء حصل أيضاً بـ»مباركة وتشجيع» الرئيس نبيه بري، في إشارة سياسية لا تخلو من مضامين كثيرة، أبرزها أن الحريري وبري يتقاطعان حول دعم ترشيح فرنجية على حساب بقية المرشحين، وتحديداً العماد ميشال عون.

كان لافتاً حضور مكاري وسليم سعادة وغياب أي نائب قواتي أو كتائبي

ومع أن أحداً لم يأت على ذكر عون بالاسم، إلا أن جميع التلميحات كانت موجهة إليه بالتحديد. فالشعار اعتبر «أن يُرفع شعار بأن رئيس الجمهورية هو صاحب الأكثرية النيابية المسيحية أمر ليس له علاقة بالدستور ولا بالأعراف». أما فرنجية، فرأى أن «مسألة الأقوى في كل طائفة هو أمر خطير لأن الاعتدال قد لا يكون في الضرورة هو الأقوى، والتطرف يصبح مفروضاً، وهذا أمر أخطر»، موضحاً أن «المرشح القوي لرئاسة الجمهورية يجب أن ينبثق من طائفته ويمثل بيئته ويكون مقبولاً من الفئات الأخرى»، معتبراً أن هذه الصفات تنطبق عليه.

غير أن زيارة فرنجية لطرابلس لم تكن لهذا الغرض وحسب. بدا واضحاً من خلال حضور معظم نواب تيار المستقبل في طرابلس والشمال لاستقباله، باستثناء عكار، أن الهدف الرئيسي هو تشكيل «مظلة سياسية» شمالية تحديداً، فوق فرنجية، تؤكد أن التيار الأزرق يسير بهذا الخيار حتى النهاية.

إشارات هذا الأمر كانت واضحة، إذ حرص الشعار على مناداة فرنجية بـ»فخامة المرشح» أو «فخامة الزعيم» أكثر من مرة. كما أن الحفاوة التي استقبل بها نواب تيار المستقبل فرنجية، والابتسامة العريضة التي ارتسمت على وجوه البعض منهم، دليل على أمر عمليات تلقوه من زعيم تيارهم لهذا الغرض، وبهدف ترتيب أوضاعهم مسبقاً مع فرنجية في حال أصبح رئيساً، بعدما كانوا قد وصفوه بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري بأبشع النعوت، واعتبروا «كل من يتحالف معه خائناً»، وأنه «رجل الرئيس السوري بشار الأسد في لبنان».

ودفع هذا التبدّل في مواقف نواب تيار المستقبل ووزرائه في طرابلس والشمال من فرنجية، ببعض من حضروا اللقاء إلى القول لـ»الأخبار» إن «الرهانات الخاطئة للبعض جعلتهم لا يتردّدون في استغلال أي فرصة تتاح لهم من أجل تصحيح أخطائهم ومعالجة أوضاعهم».

الحشد السياسي والاقتصادي الذي دعاه الشعار ليكون في استقبال فرنجية، وليشكل «حاضنة» سياسية وشعبية طرابلسية وشمالية له تدعمه في ترشحه الرئاسي، بلغ عدده 55 شخصية وجه لها مفتي طرابلس والشمال الدعوة. وقد اعتذر منهم ثلاثة ــ إما بسبب السفر أو الانشغال، أو بسبب التنافس مع فرنجية على الرئاسة ــ هم الرئيس نجيب ميقاتي والنائب محمد الصفدي والوزير السابق جان عبيد.

وكان لافتاً أن الشعار الذي سئل على هامش المؤتمر الصحافي الذي عقده مع فرنجية، عن تعليقه على اعتذار وزير العدل المستقيل أشرف ريفي عن عدم الحضور كونه يعارض انتخاب فرنجية، قال (الشعار): «لم أوجّه الدعوة له أصلاً». وهذه العبارة دليل على استمرار استبعاد وزير العدل المستقيل من قبل الحريري الذي أعطى مفتي طرابلس موافقته على لائحة المدعوين.

الوقوف سلباً من تبني الحريري ترشيح فرنجية كان دافعاً أيضاً في عدم دعوة نواب الشمال المحسوبين على حزبي القوات اللبنانية والكتائب. وكان حضور نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري والنائب السابق عن الحزب القومي سليم سعادة رسالة تعني الحزبين (القوات والكتائب) بشأن مستقبل تحالفاتهما مع التيار الأزرق في الكورة.