IMLebanon

المظلة التي حمت الاستقرار الأمني والاقتصادي تتحرّك لتحمي الاستقرار السياسي بانتخاب رئيس

في معلومات لمصدر ديبلوماسي أن المظلة الدولية التي حمت الأمن والاستقرار من تداعيات الحرب في سوريا، ثم حمت الاستقرار الاقتصادي والمالي باقرار المشاريع الضرورية في مجلس النواب، فإن القرار صدر بوجوب انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن حماية للاستقرار السياسي بعدما أخذ طول الخلاف حول هذا الانتخاب وطول مدة الشغور الرئاسي ينعكسان سلباً على الأوضاع الأمنية والاقتصادية في البلاد. وقد يكون تقريب موعد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية في 16 من الجاري يعكس الإرادة الدولية التي تريد لبنان هادئاً مستقراً ولو وسط حرب حوله في المنطقة قد يتأخر التوصل الى اتفاق على انهائها.

لذلك فإن القوى السياسية الأساسية في البلاد، ولا سيما منها المسيحية، أصبحت بين خيارين: أما الاتفاق على انتخاب النائب سليمان فرنجيه رئيساً للجمهورية باعتباره أحد الاقطاب الموارنة الأربعة، وإما الاتفاق على انتخاب رئيس مستقل من خارج هؤلاء الاقطاب ومن خارج قوى 8 و14 آذار لأنه يصبح مقبولاً بعدما كان مرفوضاً.

وتنقسم القوى السياسية الأساسية، ولا سيما القوى المسيحية، حول تأييد النائب فرنجيه لرئاسة الجمهورية، فثمة من يرى أن المعادلة التي قد يكون تم التوصل اليها دولياً واقليمياً تقضي بأن يكون رئيس لبنان صديقاً للرئيس بشار الأسد ولكن من دون الأسد في سوريا، وعندها يفقد فرنجيه قوة الدعم التي يعتمد عليها في حكم لبنان كما اعتمد رؤساء قبله على هذه القوة فكانت لسوريا الكلمة عند خلافهم مع رئيس الحكومة، أو مع رئيس الحكومة ضد رئيس الجمهورية إذا كانت للقيادة السورية مصلحة في ذلك.

وعندما يفقد رئيس الجمهورية السند السوري مع قيام نظام جديد في سوريا، فإن التدخل في شؤون لبنان الداخلية يتوقف وتعود كل سلطة في لبنان الى ممارسة صلاحياتها من دون أن تتدخل أي سلطة في صلاحيات سلطة أخرى، فينتظم سير الحكم في لبنان بحيث يمارس رئيس الجمهورية صلاحياته المنصوص عنها في الدستور وكذلك الحكومة وكل عضو فيها.

لذلك عاد الكلام على ضرورة رحيل الأسد عن الحكم في سوريا لأنه من الصعب التوصل الى حل سياسي بوجوده بل الى حروب طويلة الأمد، وإن البحث الجدي يجري الآن مع روسيا لاقناعها بذلك. أما بالنسبة الى مشكلة سلاح “حزب الله” فحله ليس لبنانياً مع أي رئيس ومع أي حكومة إنما بالاتفاق مع إيران عندما ترى أنها لم تعد في حاجة الى استخدام هذا السلاح سواء داخل لبنان أو خارجه، وأن هذا الاتفاق يعطي لإيران دورها في المنطقة ويحدد مناطق نفوذها. وإذا ارتأت الدولة اللبنانية أنها في حاجة الى هذا السلاح لدرء الخطر الاسرائيلي، فيمكن عندئذ الاتفاق على وضع استراتيجية دفاعية تضع ضوابط لاستخدامه عند الحاجة، أما اذا ظلت القوى السياسية الأساسية، ولا سيما القوى المسيحية، مختلفة على القبول بالنائب فرنجيه رئيساً للجمهورية ووضعت شروطاً يصعب القبول بها، ولا سيما علناً، سواء كانت تتعلق بسلاح “حزب الله” أو بتدخل هذا السلاح في الحرب السورية ومن أجل التوصل الى تحييد لبنان، وهذا وحده يجعله يرتاح ويريح، فإن المرشحين المستقلين للرئاسة تعود حظوظهم الى الارتفاع اذا يصير مطلوباً من هذه القوى الاتفاق على مرشح من المستقلين أو ترك الأكثرية النيابية تختار من بينهم من تشاء، ولا يعود عندئذ من حق الأقطاب الموارنة الأربعة القول إن هؤلاء لا يمثلون المجتمع المسيحي تمثيلاً صحيحاً، وأنهم لا يقبلون برئيس يهبط عليهم بمظلة لأن مرور 19 شهراً يكفي للاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية، إن لم يكن من الاقطاب فمن خارجهم، كون المطلوب انتخاب رئيس في أقرب وقت ممكن، ولم يعد مقبولاً بقاء سدة الرئاسة شاغرة الى أجل غير معروف.

ويبدو أن القوى السياسية الأساسية في البلاد، ولا سيما القوى المسيحية، يتجاذبها رأيان: رأي يفضل انتخاب فرنجيه رئيساً للجمهورية لأنه من الاقطاب الأربعاء الممثلين تمثيلاً صحيحاً لمجتمعهم وبيئتهم، وأن الحكم في لبنان يصبح بالتالي قوياً وقراراته حرة مستقلة عندما يقوم في سوريا حكم جديد لا يتدخل في شؤون لبنان الداخلية، ولا يعود وجود السلاح خارج الدولة مشكلة يستعصي حلها لأن التحولات والمتغيرات في المنطقة هي التي ستجد حتماً حلاً لها، وعندها يصبح في لبنان دولة مستقلة سيدة حرة فعلاً لا قولاً. وثمة رأي آخر يفضل انتخاب رئيس مستقل لا يشعر معه أي فريق بانتخابه بأنه غالب أو مغلوب، وسيكون هذا الرئيس قادراً على الحكم عندما يتغيّر الوضع في سوريا ويتغيّر معه في لبنان بانتهاء دور 8 و14 آذار وقيام تحالفات جديدة تفرضها الانتخابات النيابية المقبلة وقانون جديد للانتخاب، وتخلط الأوراق.