IMLebanon

قرار مجلس الأمن الدولي «2728» يؤكّد عزلة إسرائيل ولا ينهي العدوان

تبنّى مجلس الأمن الدولي للمرة الأولى قرارا يدعو لوقف إطلاق النار في قطاع غزة مع دخول الشهر السادس على المجازر الإسرائيلية، حيث أحجمت الولايات المتحدة الأميركية -الداعم الرئيسي لإسرائيل- عن استخدام حق النقض (فيتو) هذه المرة، في حين ألغى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو زيارة وفد إسرائيلي إلى واشنطن لمناقشة البدائل الممكنة للهجوم على «رفح» احتجاجا على امتناع الأخيرة عن التصويت، حيث اعتبرت واشنطن ان الموقف الأميركي أمر سيادي خاص بها.
وصوّت مجلس الأمن لصالح مشروع القرار الذي قدّمه الأعضاء المنتخبون بالمجلس ودعمته المجموعة العربية، بأغلبية 14 صوتا، فيما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت، معللة ذلك بأنه لم يدين «حماس» في السابع من أكتوبر.

ويطالب القرار الذي يحمل الرقم «2728» بوقف فوري لإطلاق النار في غزة في رمضان تحترمه الأطراف ويؤدي إلى وقف ثابت ومستدام.
كما يدعو النص إلى «الإفراج الفوري وغير المشروع عن جميع الرهائن، وضمان وصول المساعدات الإنسانية»، ويطالب «الطرفين بالامتثال لالتزاماتهما بموجب القانون الدولي بشأن جميع الأشخاص المحتجزين».
رحّبت حركة «حماس» بالقرار ودعت للضغط على إسرائيل لوقف العدوان والانسحاب من غزة وإعادة النازحين، وأبدت استعدادها للانخراط في عملية التفاوض للافراج المتبادل عن الأسرى، موقف حماس يعبّر عن القبول بأفضل الممكن بما تفرضه موازين القوى الدولية.

الردود الإسرائيلية جاءت رافضة ومتوعدة باستمرار العدوان، جملة تصريحات أميركية حاولت تفريغ القرار من مضمونه، المندوبة الأميركية في المجلس اعتبرت ان القرار غير ملزم تبعها جون كيربي بالقول ان سياسة واشنطن لم تتغيّر تجاه تل أبيب فيما أكد المندوب الصيني ان كل قرارات المجلس ملزمة.
هناك من يعتقد ان الموقف الأميركي مجرد تنبيه لسياسات نتنياهو تجاه بايدن والتي أحدثت انقساماً داخل تل أبيب حول خطورة تحدي واشنطن، رغم ذلك من الممكن أن يوظف بايدن الموقف الأميركي الجديد ضمن حملته الانتخابية لإرضاء منتقدي سياسته تجاه ما يحدث في غزة وأيضاً محاولة من الإدارة الأميركية لتخفيف امتعاض المجتمع الدولي وهيئاته الإنسانية والقانونية، في حين ان نتنياهو يمكنه مجادلة الإسرائيليين انه رئيس الوزراء المناسب الذي بإمكانه مواجهة كل الضغوط التي تمارس على إسرائيل في سبيل تحقيق أهدافها باستمرار الحرب.
إن قرارات مجلس الأمن بصفة عامة قرارات ملزمة، لكن هذا القرار لا يتمتع بأي صيغة تنفيذية، لأنه صدر بناء على الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، ولم يصدر بناء على الفصل السابع، ولم تتم الإشارة فيه إلى مسألة تهديد الأمن والسلم الدوليين.
فالقرار لم ينص على أمر إلزامي، بل ذهب إلى الحض على وقف إطلاق النار في فترة زمنية مرهونة برمضان، غير أنه أكد أن أهمية القرار تكمن في كونه يضع إسرائيل في «موقف محرج، وقد يؤدي إلى فرض عقوبات عليها من قِبل بعض الدول إذا لم تلتزم به، لكن ليست عقوبات من قِبل مجلس الأمن أو تدابير عسكرية، القرار أُدرج ضمن الفصل السادس «بناء على طلب أميركي حتى لا يتم التصويت بحق النقض (فيتو)»، ومع ذلك فإن القرار «مهم» ويؤسس لوقف إطلاق النار، وكان يمكن أن يكون له صيغة تنفيذية إذا صدر بناء على الفصل السابع، الذي يؤدي إلى استخدام القوة في مواجهة الدولة التي لا تلتزم بمقتضيات القرار.
ربما لا يوقف القرار العدوان الإسرائيلي بشكل فوري لكنه يشكّل ضغوطاً هائلة في هذا الاتجاه خصوصاً انه جاء بعد موقفي الهيئة العامة للأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية وصرخات المنظمات الحقوقية والإنسانية، ما يحتاجه القرار هو المتابعة الفاعلة من الدول العربية والإسلامية لتعميق عزلة إسرائيل واغتنام فرصة التباينات المعلنة بين واشنطن وتل أبيب.