Site icon IMLebanon

حكومة تصريف “الأعمال والانهيار”… تحت أعين الثوّار

 

 

الإنتصار الحقيقي بعد الإستقالة تأليف حكومة تكنوقراط

دخل لبنان مرحلة جديدة بعد إعلان الرئيس سعد الحريري استقالته من الحكومة، وتتّجه الأنظار إلى الإستشارات النيابية الملزمة ومن ستسمّي رئيساً للحكومة.

 

تبدأ رحلة التأليف الجديدة بعد تكليف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لرئيس الحكومة الجديد، ولا تبدو مسيرة التأليف سهلة لأن استقالة الحريري لم تأتِ على تنسيق مع عون أو مع “حزب الله”.

 

ويبدو أن اسم رئيس الحكومة الجديد لم يُحسم بعد، وليس أكيداً أن الحريري سيعود لترؤّس الحكومة لأن دون ذلك عقبات عدّة. فالعقبة الأولى تتمثّل بأنه يميل إلى تأليف حكومة تكنوقراط لتلبية مطالب الشعب الثائر، وهذا يعني عدم عودة الوزير السابق جبران باسيل إلى الجنّة الوزاريّة، وبالتالي فإن هذا الأمر سيشكّل عقبة أساسية ومهمة.

 

أما العقبة الثانية، فهي موقف الثنائي الشيعي، حركة “أمل” و”حزب الله” (على رأسه طبعاً)، في استشارات التأليف، ففي حال لم يوافقا على عودة الحريري فإن هذا الأمر لن يحصل لأنهما يملكان مع حلفائهما المسيحيين والسنّة الغالبيّة البرلمانية.

 

وأمام كل هذه الوقائع، تُطرح في أروقة “8 آذار” أسماء عدّة لترؤس الحكومة غير الحريري، لكن في الوقت نفسه فإن الجميع يُدرك خطورة المرحلة، وبالتالي فإن القفز في المجهول سيورّط كل البلاد ولن يقتصر على فريق دون الآخر.

 

ويأمل الجميع ألا تطول فترة تصريف الأعمال مع أن التجارب السابقة لا تشجّع أبداً، لكن الفرق أن البلاد لا تملك هذه المرّة “ترف” الوقت لأن الإنهيار على الأبواب وإطالة فترة حكومة تصريف الأعمال تعني الذهاب إلى المجهول فيما الثوّار يقفون بالمرصاد، وهم سيتحرّكون عندما يشعرون بالخطر.

 

منذ العام 2005، دخلت البلاد في مرحلة جديدة من تأليف الحكومات، فالراعي السوري قد غاب وبات على المسؤولين تأليف الحكومة بأنفسهم، وأوّل حكومة بعد انتخابات 2005 لم تستغرق أكثر من شهر لتأليفها، والأمر نفسه انطبق على حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الثانية التي شكّلها بعد اتفاق “الدوحة” وانتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وعلى رغم ظهور عقبة توزير الوزير الراحل علي قانصو إلا أن تدخّل الحريري لدى السنيورة حسم الأمر سريعاً.

 

بعد انتخابات 2009 بدأت مسيرة حكومات تصريف الأعمال الطويلة، فتكليف الحريري لأول مرة لم يعطِ زخماً، إذ كانت العقدة عدم توزير الراسبين في حين أصرّ رئيس “التيار الوطني الحرّ” آنذاك ميشال عون على توزير باسيل، وقد أبصرت حكومة الحريري الأولى النور في تشرين الثاني من العام 2009، أي ان حكومة السنيورة ظلت تُصرّف الأعمال 6 أشهر تقريباً.

 

وبعد الإنقلاب على حكومة الحريري وتكليف الرئيس نجيب ميقاتي تأليف الحكومة الجديدة في كانون الثاني من العام 2011، وعلى رغم أنه شكّل حكومة اللون الواحد فقد استغرق التأليف 6 أشهر، وبالتالي استمرت حكومة الحريري بتصريف الأعمال 6 أشهر.

 

أما الفترة الأطول في تصريف الأعمال فقد كانت بعد استقالة ميقاتي في 22 آذار 2013، وعلى رغم تكليف الرئيس تمام سلام بتوافق إقليمي، إلا أن حكومته لم تُبصر النور إلاّ في 15 شباط 2014، وبالتالي بقيت حكومة ميقاتي تُصرف الأعمال طوال 11 شهراً، وهذه الفترة تعتبر طويلة جداً وحصل في هذه الفترة التمديد لقائد الجيش آنذاك العماد جان قهوجي والتمديد الأوّل لمجلس النواب. وبعد انتخاب عون رئيساً للجمهورية في 31 تشرين الأول 2016، اعتُبرت حكومة سلام مستقيلة حُكماً وتمّ تكليف الحريري وأبصرت حكومته النور في 18 كانون الأوّل، وبالتالي لم تُصرّف حكومة سلام الأعمال أكثر من 40 يوماً.

 

وبما أن كل بلدان العالم تُجري انتخابات نيابية لحلّ الأزمات الحكومية والسياسية، إلاّ أن الإنتخابات في لبنان لا تحلّ أي شيء، فبعد الإنتخابات النيابية التي جرت في 6 أيار 2018 تمّت إعادة تكليف الحريري في 23 أيار، لكن رحلة التأليف كانت مليئة بالألغام ولم تُبصر حكومته النور إلا في 31 حزيران من العام 2019، وبالتالي بقيت حكومته الأولى تصرّف الأعمال 9 أشهر تقريباً.

 

ونستنتج من كل هذا الإستعراض لمسيرة تأليف الحكومات أن حكومات تصريف الأعمال قد تمكث طويلاً، وإذا انطبق هذا الأمر على وقتنا هذا فإن ذلك يعني أن من يطبق على البلاد يريد هدم الهيكل فوق رؤوس الجميع.