تصاعدت سخونة المشهد الإنتخابي في ظل تشابك المصالح وحسابات الربح والخسارة ما بين المرشحين المتنافسين داخل وخارج اللوائح، والتي من المفترض أن تتشكّل في الأيام القليلة المقبلة مع انتهاء مهلة تسجيل القوائم الإنتخابية منتصف ليل السادس والعشرين الجاري. وفي هذا السياق، وصف مصدر وزاري سابق الفترة الزمنية القصيرة بأنها الفرصة الأخيرة أمام القوى السياسية التي لا تزال تتفاوض قبل اعلان التحالفات لإنجاز مجمل المعادلات الإنتخابية، مع العلم أن المشهد العام بات واضحاً في الإجمال، وهو ينبئ بمبارزة إنتخابية على قواعد «طائفية» وليس سياسية، كما كشف المصدر، الذي وجد أن الهدف من قانون الإنتخاب المرتكز إلى النسبية، هو الخروج من حلقة «الأكثري»، والسماح للجميع بأن يحصلوا على حق التمثيل النيابي بعيداً عن المحادل الإنتخابية، لكن الواقع أتى مغايراً حيث أن ما يحصل اليوم على الساحة السياسية، هو صراع طائفي مئة في المئة بين الأطراف السياسية والحزبية من خلال التجاذب حول المقاعد النيابية، بعيداً عن أية أجندات سياسية.
والمفارقة في لوحة التحالفات أنها ابتعدت في جانب كبير منها عن الإتجاهات المعلنة، خصوصاً من قبل القوى التي كانت متحالفة سابقاً، كما أضاف المصدر الوزاري السابق، وذلك في ضوء فشل الجهود السعودية التي بُذلت في الاسابيع الماضية من أجل تقريب وجهات النظر بين الطرفين الأساسيين في هذا الفريق، وهما تيار «المستقبل» و«القوات اللبنانية»، وبالتالي، فإن الإنقلابات التي بدأت تسجّل أخيراً، وكذلك التحالفات المرتقبة، هي محكومة بتحقيق المكاسب في الدرجة الأولى، حيث أن كل طرف سياسي يعمل من أجل كسب أكبر عدد ممكن من النواب.
وعشية الإنتظارات الحاسمة، لاحظ المصدر الوزاري السابق، أن التفاهمات ليست سهلة ما بين «القوات» و«المستقبل» من جهة، و«المستقبل» و«التيار الوطني الحر» من جهة أخرى، معتبراً أن الصراع يتركّز على المقاعد المسيحية في لوائح هذه القوى، وفي كل الدوائر الإنتخابية في الجنوب وبيروت والشمال والبقاع. ومن هنا، فإن التفاوض الذي وصل إلى ربع الساعة الأخير بين «القوات» و«المستقبل» يسير على إيقاع مناطقي بحت، حتى إذا وصل الطرفان إلى أي اتفاق بالتحالف، فهو سيكون محدوداً جداً، ولن يتخطى دائرة الشوف – عاليه إلى أية دوائر أخرى، خصوصاً في الشمال أو في البقاع، حيث يلتزم «المستقبل» مع «التيار الوطني الحر» في إطار حلف وثيق.
وقال المصدر نفسه، والذي واكب استحقاقات إنتخابية في الأعوام الماضية، أن حصول افتراق ما بين «المستقبل» و«القوات» في بعض الدوائر، سيكون محصوراً بالواقع الإنتخابي التنافسي ولن يتطوّر إلى طلاق سياسي، لا سيما وأن الطرفين كما باقي الاطراف، عاجزان عن تحقيق الفوز بنسبة تؤمّن الوصول إلى البرلمان بكتلة وازنة وكبيرة. وأوضح أن طبيعة القانون الإنتخابي لن يعطي الغالبية لأي فريق بشكل منفرد عن الأفرقاء الآخرين. ولذلك، فإن حال الإرباك التي تعيشها كل الأطراف على مسافة أيام معدودة في إنجاز التحالفات ستتصاعد، على حد قول المصدر نفسه، لأن الإفتراق في العناوين السياسية لدى القيادات لا ينطبق على القواعد الشعبية التي لم تتخطَّ حتى اليوم بعض المحطات السياسية السابقة، علماً أن الكثير من الخبراء يعتبرون أن التجربة الإنتخابية وفق القانون الإنتخابي الجديد، ستختلف عن كل سابقاتها، وستشكّل نتائجها مفاجآت كبيرة، خصوصاً لجهة الخروقات المرتقبة في الدوائر الإنتخابية الكبرى. وانطلاقاً من هذه التقديرات، تقوم الأطراف الأساسية بعمليات حسابية دقيقة للربح والخسارة، وتستطلع الناخبين لتكوين تصوّر مسبق عن اتجاهات القاعدة الشعبية، وذلك قبل الإلتزام بأية تحالفات، لا سيما وأن ظاهرة جديدة بدأت تسجّل في الأيام الماضية، وهي انتقال مرشّحين من فريق سياسي إلى فريق آخر، وصولاً إلى خطف مرشحين من لائحة إلى اخرى، من دون إغفال ترشيح أحزاب معينة أكثر من شخصية لمقعد نيابي واحد، تحت عنوان واحد هو المصلحة الإنتخابية، وليس تحت أية عناوين أخرى مرتبطة بالإصطفافات السياسية، أو بالإستحقاقات الداخلية والخارجية.