IMLebanon

تحت جناحي الرئيس  أم تحت إبطيه؟!

اقتربت الآن ساعة جردة الحساب لجولة الرئيس سعد الحريري الرئاسية الأخيرة، والبعض يسمّيها مبادرة والبعض الآخر يصفها ب المغامرة. وأول المعنيين بها هو العماد عون الذي قد يكون أول المستفيدين أو أعظم المتضررين منها. وعلى الرغم من ازدحام سوق الرئاسة بروّاده من الراغبين في البيع والشراء، إلاّ ان البضاعة المعروضة فيه لا تتمتّع بالجاذبية الكافية لتتصدر المبيعات وتكتسح السوق! وحتى الترويج بأسلوب المزايدة والمناقصة والصولد لم يكن كافياً لتحريك السوق، وكأن الكساد في التجارة لا يضاهيه سوى الكساد في السياسة!

***

غير أن المبادرة / المغامرة الأخيرة للرئيس سعد الحريري، وهي لا تخلو من الشجاعة، أحدثت فارقاً جوهرياً عن الحالة التي سبقتها. قبلها كان الجمود مسيطراً لنحو عشرة أشهر عند مبادرة الحريري السابقة على قاعدة: مع فرنجيه أو ضدّه. ما بعدها وضع الزمام بين يدي العماد عون، بارادة من الحريري أو بغير ارادة منه. بمعنى أن الحريري وضع احتمال وصول عون الى الرئاسة بين يدي عون نفسه، ومواقفه وقراراته وسلوكه، هو الذي سيقرر النتيجة.

***

عرف السياسيون واللبنانيون حتى اليوم وجهاً واحداً للعماد عون، هو وجه الرجل المتصلّب والمتشدّد في مواقفه حول المبادئ والقيم التي ينادي بها، بل وتفسيراتها بالاستناد الى قاموسه الخاص… ولكن هل للعماد عون وجه آخر متعارف عليه في تاريخ السياسة في العالم ويعرف ب البراغماتية؟ أي بالواقعية السياسية التي تعتمد الأخذ والعطاء في السياسة دون التخلّي عن المبادئ؟ بمعنى انه هل يمكن للعماد عون أن يفكّر بأسلوب أنه لا يمكن له ان يحقق كل أهدافه قبل وصوله الى الرئاسة، وان الأمر يصبح ممكناً ببعض المرونة وبالتدرّج، وعلى مدى ست سنوات من ولايته؟! والمثل في السياسة يقول: لا يمكن أن تقطع الجسر قبل الوصول اليه.

***

بمنطق الواقع السياسي في لبنان، ففي العهد الجديد – أكان عون رئيسا ام سواه – ستتعاقب عدة حكومات على السلطة… فهل يمكن لعون أن يفكّر بأن ما يمكن أن يتخلى عنه في حكومة عهده الأولى لمصلحة لبنان، يستطيع أن يسترده في الحكومات اللاحقة لمصلحة لبنان ايضاً؟! وكل شيء يتوقف على كيفية التعاطي مع القيم والمثل العليا مثل السيادة والميثاقية وصلاحيات الرئاسة وغير ذلك. ويمكن تفسير هذه القيم بأن الرئيس يضع الجميع تحت جناحيه… كما يمكن تفسيرها بأن الرئيس يضع الجميع تحت إبطيه! وهما تفسيران متناقضان للقيم ذاتها…

***

بهذا المعنى، فان الزمن الذي كان الرئيس الماروني يتصرّف بوحي أنا ربّكم الأعلى، قد انتهى وولّى الى غير رجعة…