«تفاهم معراب»: الطفل يكبر.. فاحذروا أسنانه وأظافره!
«التيار» و«القوات» يعطلان التشريع.. إلا لقانون الانتخاب والموازنة
يحاول «التيار الوطني الحر» و«حزب القوات اللبنانية» استثمار كل فرصة ممكنة، او حتى نصف فرصة، لإثبات جدية تفاهم معراب وفعاليته، وتأكيد أن المصالحة التي تمت بين العماد ميشال عون وسمير جعجع ليست «فوقية» أو مجرد حبر على ورق الاضطرار، بل هي أقرب إلى مصعد يمر في كل طوابق التنظيمين.
وبهذا المعنى، أتت الانتخابات البلدية لتشكل مناسبة من أجل «تسييل» بعض «ذهب» التحالف وصرفه على الأرض، فيما تلوح في الأفق استحقاقات أخرى تنتظر الثنائي المسيحي وتنطوي على اختبار له، ومن بينها الجلسة النيابية القريبة التي يستعد الرئيس نبيه بري للدعوة إليها تحت سقف تشريع الضرورة.
وإذا كان الكثيرون لا يزالون يتعاملون مع تفاهم معراب باعتباره محطة عابرة، فرضها تقاطع المصالح السياسية الظرفية بين معراب والرابية في مواجهة ترشيح الرئيس سعد الحريري النائب سليمان فرنجية.. إلا أن أوساط عون وجعجع تؤكد أن الأمر أبعد من ذلك بكثير، وأن ما بعد مصالحة معراب لن يكون كما قبلها، وليس على غير المصدقين سوى أن ينتظروا الأيام المقبلة».
وعلى قاعدة «الصيانة الدورية» لتفاهم معراب وتنسيق المواقف من الملفات الحكومية والنيابية والرئاسية، جاء اللقاء بين جعجع ورئيس «التيار الحر» جبران باسيل ورئيس «وحدة الارتباط» مع «القوات» النائب ابراهيم كنعان، بحضور سفير «القوات» في الرابية ملحم رياشي.
المطلعون على أجواء اللقاء كما على مسار علاقة الجانبين، يشددون على أن «طفل المصالحة» يكبر وباتت له أسنان وأظافر، معتبرين أن أكثرية الـ86 في المئة من المسيحيين التي يعكسها تفاهم معراب لن تبقى نظرية وهلامية، بل ستترجم بكل مفاعيلها عند المفاصل والاستحقاقات التي تهم المكوّن المسيحي، ولن يستطيع أحد تجاوز إرادة هذه الأكثرية ومن يمثلها.
ويشير هؤلاء إلى أن «التيار» و«القوات» يقاربان الانتخابات البلدية من زاوية وجوب توظيفها بالدرجة الأولى لتمرين قواعد الطرفين على السلوك التحالفي، وتعويدهما على بعضهما البعض، بعد سنوات طويلة من الخصومة، بمعزل عن النتائج وحسابات الربح والخسارة، لا سيما أن هذا الاستحقاق مركّب في طبيعته، وتتداخل فيه الاعتبارات العائلية والاجتماعية والمناطقية والسياسية، وبالتالي لا يمكن أن تتم مقاربته انطلاقاً من معايير حزبية جامدة.
ويعرب المتحمسون لتطور علاقة الرابية ـ معراب عن اعتقادهم بأن الانتخابات البلدية هي بروفة للانتخابات النيابية التي ستكون أكثر بلاغة في التعبير عن التحالف البرتقالي ـ القواتي، الذي سيكتسب «اللياقة البدنية» من اختبار الاستحقاق البلدي.
ويوضح أصحاب هذا الطرح أن موقف «التيار» و«القوات» حيال تشريع الضرورة ثابت وقاطع، على قاعدة أن ما يبرر فقط عقد جلسة تشريعية، وسط غياب رئيس الجمهورية، ينحصر في الشأن المتعلق بانبثاق السلطة والمصلحة العليا للدولة، أي قانون الانتخاب ومشروع الموازنة، وما عدا ذلك لا شيء ضروري في الوقت الحاضر يسمح بفتح أبواب المجلس النيابي أمام التشريع.
ويعتبر المراهنون على تحالف الرابية ـ معراب أن امتناع الثنائي المسيحي عن المشاركة في الجلسة التشريعية، سيشكل سداً ميثاقياً منيعاً في مواجهة أي محاولة لفرض الأمر الواقع، مشيرين إلى أن النواب المسيحيين المستقلين لن يستطيعوا القفز فوق هذا السد لمنح شرعية افتراضية للجلسة، لأن من شأن ذلك أن يحرجهم في بيئتهم، «أما إذا أراد النائب سليمان فرنجية حضورها، فهو بذلك يمنح التيار والقوات خدمة مجانية، لأنه سيكون كمن عزل نفسه بنفسه في الساحة المسيحية».
في المقابل، يصر الرئيس نبيه بري على عقد جلسة تشريعية بعد التئام طاولة الحوار الوطني في 20 نيسان الحالي، ما دام يتوافر فيها الحد الأدنى من النصاب الميثاقي، متسلحاً بالعديد من الأسباب الموجبة الحيوية، وفي طليعتها وجود مشاريع ملحة لم تعد تحتمل التأجيل.
وبينما تواصل قيادتا «حركة أمل» و«حزب الله» التحضيرات للانتخابات البلدية على أساس إعطاء الأولوية لخيار التوافق، حيث أمكن، يؤكد بري لـ «السفير» رداً على سؤال، أن الانتخابات النيابية حاصلة حتماً في موعدها المقرر، استناداً الى قانون الانتخاب الذي يكون نافذاً في حينه، لافتاً الانتباه إلى أنه إذا تعذر التفاهم على قانون جديد فإن الانتخابات ستتم وفق قانون الدوحة النافذ، لكنه يشير في الوقت ذاته الى عدم فقدانه الأمل بعد من إمكانية التوصل الى التوافق على مشروع جديد.
ويوضح بري أن جزمه بإجراء الانتخابات النيابية ليس متأثراً بقرار إتمام الانتخابات البلدية، مشدداً على أنه لا يوجد رابط عضوي بينهما، «وأنا في المرة السابقة أيدت التمديد للمجلس، برغم عدم حماستي له، لسبب جوهري وحيد يعرفه الجميع ويتصل بوجوب مراعاة الاعتبار الميثاقي بعد الاعتراض الذي أبداه آنذاك ممثل مكوّن لبناني أساسي، وهو الرئيس سعد الحريري، على إجراء الانتخابات».