Site icon IMLebanon

تفاهم معراب بعيون مسيحية: عمومي ولا يبني مصالحة

المتحمسون لإعلان النيات: استراتيجي ولا يعني الذوبان

تفاهم معراب بعيون مسيحية: عمومي ولا يبني مصالحة

لا يجرؤ اثنان على «رجم» المصالحة العونية – القواتية بحجارة رفضها بالمطلق، نظراً لأهميتها في وضع حدّ لـ «حروب الأخوة» التي اشتعلت بالحديد والنار حيناً، وبالخصومة السياسية الحادة أحياناً أخرى، لكن ليس غريبا أن يسجل البعض ملاحظات أو أن يوجه انتقادات بدأت تخرج للعلن.

ولا يُقصد هنا بالمنتقدين، من هم مِن خارج البيئتين العونية والقواتية، بل من هم من «أهل البيت» ممن راحوا يرفعون الصوت اعتراضاً على مسار التفاهم بين الرابية ومعراب، من باب المطالبة بتعميق هذا التفاهم وتطويره واخراجه من الإطار العمومي غير المثمر، كما يرون، ومن دون نسفه طبعاً.

هكذا، اختار نعيم عون القيادي العوني العتيق أن يتوّج رزمة انتقاداته لأداء قيادة «التيار الوطني الحر» على المستوى الداخلي التنظيمي، بتسجيل تمايزه السياسي أيضاً عن «رفاقه» العونيين لفتح الباب أمام تغريد سياسي خارج السرب البرتقالي، لعل أبرز ما فيه «التمريك» على ورقة اعلان النوايا.

بهذا المعنى، اعتبر الرجل أنّ المصالحة على أهميتها، وطنيا ومسيحيا، الا انها مجرد وثيقة عموميات تصلح لأي خلاف بين فريقين متنافرين، سواء في بنغلادش أو جنوب السودان، كونها حاكت القضايا الشائكة بكثير من الضبابية، وتركت مساحة الخلاف شاسعة حول قضايا بارزة (سلاح «حزب الله»، الحرب في سوريا، قانون الانتخابات، الاصلاحات السياسية في اتفاق «الطائف»)، ويمكن لكل عنوان من هذه العناوين أن يشكل مشروع أزمة بين الطرفين في أي لحظة من اللحظات، خصوصاً اذا كانت الورقة مُختصرة بما هو معلن منها، أما اذا كانت هناك بنود غير مرئية، فتلك مسألة أخرى.

بنظره، إنّ الوثيقة بحاجة الى الاقتراب أكثر من مقاربة مشتركة حول الدور المسيحي في المرحلة المقبلة خصوصاً وأنّ المنطقة صارت على أعتاب تفاهمات اقليمية يفترض بالمسيحي أن يكون شريكاً في الجلوس على طاولتها شرط التفاهم المسبق بين مكونات هذه المجموعة، وهذا ما يزال مُفتقداً حتى الآن.

في المقابل، للمدافعين عن «اعلان النوايا» وجهة نظر أخرى، تقول إنّ القضايا السياسية المشار إليها لا تختصر جوهر العلاقة بين «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية»، لأن المصالحة هي النقطة المركزية من هذا التلاقي، والبقية تفاصيل يجوز مناقشتها، خصوصاً وأن هذه المصالحة تاريخية، ان لجهة حصولها بعد أكثر من ثلاثة عقود من الصراعات، وإن لجهة مفاعيلها على الأرض والتي أراحت القواعد الشعبية من جانب الفريقين، أو حتى في سعيها لاستعادة الحضور المسيحي وخلق التوازن الحقيقي.

كما أنّ قانون الانتخاب ليس موضع خلاف بين الحزبين لأنّهما متفقان على ضرورة تصحيح التمثيل لكل مكونات الوطن بمن فيهم المسيحيون، وهما يسعيان لتقريب وجهات النظر بينهما من خلال لجنة مشتركة تعمل على هذا الملف للتوصل الى اقتراح واحد.

ويؤكدون أنّ من شعر بالاستهداف بنتيجة هذا التقارب مع أنّه لا يهدف الى إلغاء أحد، هم شخصيات محدودة وأحزاب صغيرة ترى أنّه كلما كبرت المصالحة، كلما صغر حضورها ودورها.

على هذا الأساس، يرى المدافعون عن «اعلان النوايا» أنّ البعد الاستراتيجي لهذا التلاقي يكمن في إبقاء كل طرف على تحالفاته، لأنهما حليفان وليسا تابعين لبعضهما البعض، وليس هنك ضرورة لأن يذوبا في بعضهما البعض، ولهذا فإنّ أهمية المصالحة هي في سعي طرفيها للعب دور المصالحة بين الشريكين السنّي والشيعي على صعيد لبنان كنموذج وعلى صعيد المشرق كقضية. وهي لم تكن أبداً لخلق «غيتو» مسيحي وانما لرأب الصدع مع الماضي والانطلاق نحو المستقبل.

بهذا المعنى يرى المتحمسون للتفاهم العوني – القواتي أنّ الدعوة لتطوير الورقة هي تطوّر بحدّ ذاته لم يكن ليحصل لو لم تتمّ المصالحة بعدما صارت التعبئة المسيحية باتجاه التطوير شاملة لتضمّ حتى المعترضين.

وينهون كلامهم بدعوة المعترضين الى العمل على تثبيت هذه المصالحة لأنها ليست حكراً على أشخاص معينين، «إلّا من لديه مصالح في بعض الزواريب والدكاكين والتي يريد المحافظة عليها، ولن يكون بطبيعة الحال داعماً للتفاهم».