IMLebanon

تفاهم الرابية ــ معراب جُمّد… لم يُجمّد

أوحت معايدة الدكتور سمير جعجع للعماد ميشال عون في عيده الثمانين أمس أن اللقاء بين الرجلين ليس قريباً. فهل ورا هذا الايحاء انتظار للتطورات الاقليمية ام «نزول على خاطر» سيدة معراب؟

يدرك رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن ملامح الاتفاق الأميركي ــــ الإيراني المرتقب لم تنعكس بعد تغيّراً جذرياً في سياسة السعودية بعد وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز. كما يدرك أن أي زيارة للرابية لا يمكن إلا أن تكون تتويجاً للاتفاق السياسي بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر. لذلك، قبيل سفره الأخير للعلاج في الخارج، آثر تعليق اللقاءات بين رئيس جهاز التواصل والإعلام ملحم رياشي والنائب إبراهيم كنعان عبر عدم ردّ ورقة إعلان النيات التي أرسلتها الرابية مع بعض التعديلات على عدد من البنود، منذ أكثر من 15 يوماً.

وعليه، جُمّدت مفاوضات الفريقين طوال هذه المدة، الى أن أعادت معراب إرسال رياشي الى الرابية منذ أيام لإبلاغها أن «الورقة أصبحت شبه منجزة وسيتم تسليمها في اليومين المقبلين». إلا أن معايدة جعجع لعون، أمس، لمناسبة عيد ميلاده الثمانين بالقول: «أتمنى قبل عيد ميلادك القادم أن نكون قد أتممنا اتفاقنا الكامل»، أوحت باحتمال أن ينجز الاتفاق النووي قبل إنجاز ورقة التفاهم!

وإذا ما صدقت معراب بوعدها، يفترض أن يتضمن استئناف الحوار مسألتين رئيسيتين، على ما تقول مصادر عونية لـ»الأخبار»: الأولى، الانتهاء من كتابة ورقة إعلان النيات المعدلة بحسب ملاحظات الفريقين عليها، والثانية، تحديد إطار التفاوض حول المرحلة الثانية التي لا يمكن أن تتم سوى بتحديد موعد لقاء بين عون وجعجع.

تلميحات إلى دور لستريدا في تأخير التفاهم

وفعلياً، يمكن القول اليوم إن مهمة كنعان ورياشي تكللت بالنجاح، إذ وصلت الى خواتيمها السعيدة بإنجاز ورقة تفاهم وتضمينها كل البنود الملحة للفريقين، لكنها انتهت عند هذا الحدّ. وبالتالي لا يمكن للاتفاق أن يخرج من إطار «الحبر على الورق» إلا عبر ترجمة بندَي «مواصفات الرئيس وقانون الانتخابات»؛ الأمر الذي يستحيل إنجازه سوى باجتماع عون وجعجع لمناقشتهما أولاً وإقرار التفاهم بشكل علني ثانياً. وخلافاً لما يقوله البعض عن أن التفاهم لا يشمل موضوع الرئاسة، يقول المصدر إن «اللقاءات بين القوات والتيار بدأت بفرضية قبول مبدئي من جعجع بوصول عون الى بعبدا». إلا أن العائق الرئيسي الذي ظهر مع الجلسات المتتالية ونقل الرسائل من معراب الى الرابية والعكس، يتلخص «بانعدام الثقة بين فريقين اعتادا الصدامات والاشتباكات منذ ثلاثين عاماً. لذلك كان الهاجس الأساسي تذليل هذه العقبات قبل موعد اللقاء لمضاعفة أسهم نجاحه، وقد نجحنا بشكل أو بآخر». فيما تعقب مصادر القوات في هذا السياق مشيرة الى أن «جعجع غير مقتنع بقدرته وعون على وضع أسس اتفاق سياسي شامل في جلسة واحدة، وسيسعى الى زيادتها الى ثلاث جلسات أو أكثر». وفي رأيه، «الحكيم لا يتهرب من هذا اللقاء، بل ينتظر التوقيت المناسب ليكون مثمراً. وذلك مرتبط بعاملين: اللحظة السياسية الداخلية المناسبة، ولا سيما نتائج حوار تيار المستقبل وحزب الله، واتضاح صورة الاتفاق الإقليمي أو اللااتفاق. إذ لا يمكن أن يكون وقع اللقاء والتفاهم قوياً إلا إذا كان الوضع الداخلي والإقليمي إيجابياً». أما إذا نضجت الطبختان، فيفترض أن تسبق الزيارة «جلستان أو ثلاث لرياشي وكنعان في الرابية ومعراب».

وإلى حين اكتمال المشهد الإقليمي والداخلي في معراب، ثمة من يسعى في الوقت الضائع الى وضع العصي في دواليب التفاهم. ففي حين يؤيد رياشي والنائب جورج عدوان والأمين العام لحزب القوات فادي سعد الحوار، تؤثر النائبة ستريدا جعجع، يساندها النائب أنطوان زهرا، تحويل «الحبة» الى «قبة» بسبب خلافها الشخصي مع الفريق المقرب من عون. إذ بعدما بدّد العونيون هواجس جعجع على خلفية الفيديو الذي نشرته محطة «أو تي في» لها في مجلس النواب عبر الاعتذار منها، أوحت سيدة معراب الأولى لمن اتصل بها من عون وكنعان ووزير الخارجية جبران باسيل ووزير التربية الياس بوصعب، أن سوء التفاهم قد طوي فاستُكملت اللقاءات الثنائية. مرّ نحو ثلاثة أسابيع على الحادثة وفي بال الجميع أن التشنج انتهى، الى أن عادت ستريدا من السفر أخيراً وفي جدول أعمالها بند وحيد: «تجميد التفاهم لأنها غير راضية عن طريقة حلّ أزمة الفيديو». ثمة من يقول إن رغبتها بإعادة إحياء الخلاف ليس إلا من باب «التنمير» على بعض العونيين؛ وثمة من يشير الى أن ما سبق «ذريعة» لتعطيل الحوار بناء على معطيات سلبية وصلت الى جعجع حول الاتفاق الإقليمي المرتقب. في الحالتين، ستحدّد ورقة إعلان النيات، التي يفترض بجعجع إعادتها الى الرابية للانتقال الى تحديد موعد اللقاء، مدى استعداد الأخير فعلياً للتفاهم الجدّي مع خصمه المسيحي اللدود.