حسناً فعل السيد حسن فأوضح الأمور وبالفم الملآن، ولعل أهم ما قاله وبغض النظر عن أدبيات المناسبة وطول الخطابة المعهود، أن الحزب له ملء الحرية بتسمية وانتخاب مرشحه للرئاسة وأنه وبالتالي فإن التيار الوطني الحر هو حر في انتقاء مرشحه وانتخابه بغض النظر عن موقف الحزب، وبدا جلياً أن للحزب مواقف سياسية في الداخل لها حيثيتها الشيعية أي أن الحزب لا يمكنه إلا الاصطفاف إلى جانب حركة أمل، لا بل أبعد من ذلك وهو الوقوف خلف المرشح الرئاسي الذي اختاره رئيس الحركة أي سليمان فرنجية.
وبغض النظر عن التبريرات وعن الحيثيات والنقاش الليلي مع الوزير باسيل الذي استمر حتى ساعات الفجر الأولى، وبعيداً من اعتقاد الحزب أنه وبما أن الوزير باسيل لا يملك فرصاً جدّية للنجاح وبالتالي فإن رئيس التيار لم يترشح ولا يمكنه أن يترشح، فإن الحزب هو داعم لرئيس تيار المردة الذي رشحه الحليف.
لن ندخل في نقاش مع الحزب ولا مع سماحة السيد، فالأخير حر باتخاذ الموقف الذي يريد إن بالنسبة لرئاسة الجمهورية أم بالنسبة لميثاقية جلسات مجلس الوزراء التي يدعو إليها رئيس حكومة تصريف الأعمال، ويحضرها وزراء الحزب بالرغم من مجاهرة التيار بعدم ميثاقيتها، وبالتالي يمتنع وزراء التيار عن حضورها.
لن نناقش السيد في حظوظ مرشح الحركة سليمان فرنجية الذي لم يبقَ مكوّن واحد لا إقليمي ولا دولي ولا مسيحي إلّا ورفض هذا الترشيح علانية. كذلك لن نناقش سماحته بمضمون ورقة التفاهم ومدى شمولها لهذا الموضوع أو ذاك، فبالتأكيد الورقة لا تطرق إلى كل هذه التفاصيل ولا تتضمن بنوداً حول انتخابات الرئاسة أو حتى الانتخابات النيابية، التي تحددها ضرورات وحسابات بحت سياسية وهذا صحيح.
ولكن أن نحمل الفشل في بعض الملفات التي قاربها فخامة الرئيس العماد ميشال عون إبان حكمه، نحمل الفشل للآمال الكبيرة التي وضعها اللبنانيون والتيار الوطني الحر على فخامة الرئيس وهي آمال وأحلام أرادها كل اللبنانيين وذلك بغض النظر عن الصلاحيات الضئيلة التي يتمتع بها رئيس الجمهورية بحسب اتفاق الطائف. وليسمحوا لنا أن نطرح بعض الأسئلة المشروعة:
ألم يقم الرئيس عون بوضع قانون عصري للانتخابات وفرض إقراره في المجلس النيابي؟
ألم يقم الرئيس عون بوضع التدقيق الجنائي بالرغم من محاربة البعض لذلك؟
ألم يقم وزراء التيار بوضع خطط للكهرباء جوبهت بالرفض وعدم التمويل من قبل وزير المال المحسوب على الحليف؟
وأخيراً ألم يتحدى فخامته العالم كله واضعاً مراسيم النفط وراعياً لاتفاق جعل من لبنان بلداً نفطياً؟
هذا غيض من فيض ولن نطيل، ولكننا نوردها لنقول أنه لولا الأحلام الكبيرة والآمال العظيمة لما تمكن أي رجل دولة أو قائد سياسي من تحقيق المستحيل بغض النظر عن صلاحياته.
وبكل الأحوال فالوزير باسيل والتيار الوطني الحر هو حر أكثر من أي يوم مضى في نسج ما يراه مناسباً من تفاهمات، ليس أقلّها مع المكونات السياسية المسيحية التي يعود لها تسمية مرشحها للرئاسة.
إن الأفق السياسي ليس مسدوداً أمام التيار بالرغم من مواقف هذا الفريق أو ذاك، بل على العكس تماماً.
ولكن ما يشغل بال التياريين ليس تأييد مرشحه أوعدمه ولكن الأهم هو تطوير التفاهم السياسي إلى أبعاد أكثر ملموسة تتصل بالالتزام ببناء الدولة ومكافحة الفساد وتطبيق العدالة، وإلا فإن خوفنا جميعاً هو أن يتحول التفاهم إلى ورقة تين بالكاد تغطي العورات.
* كاتب سياسي