تفاهم معراب وأثمانه تُلزم حصراً موقّعَيه.. فلِمَ إستحضاره في كل بحث حكومي؟
قوى داخلية متمسّكة بأن تكون مرآة للصراع الإقليمي فاستحالتْ مجرّد متلقٍ
ممارسات سابقة ومتواصلة لوزراء القوات ونوابها، تحرّر باسيل من موجبات أثمان التفاهم
ما كشفته هذه الزاوية (اللواء، 25 آب 2018) عن تلميح روسي الى تبريد إقليمي قد يسهم في إعادة الإنتظام الحكومي في لبنان، تبلور تباعا هذا الأسبوع مع معطيات عن مسعى روسي في هذا الإتجاه، (معطوفا على عروض إقليمية تصل تباعا الى دمشق لإعادة ما إنقطع والإسهام ماليا وإستثماريا في إعادة الإعمار لقاء أثمان سياسية، منها على سبيل المثال ما يتعلق بعلاقتها مع طهران)، رغم المؤشرات المحلية التي لا تزال في حال من المراوحة نتيجة مواقف قوى داخلية متمسكة بأن تكون مرآة للصراع الإقليمي، مع عدم قدرتها على مواكبة أي تطورات متصلة، وخصوصا الحوارية منها، نتيجة تحوّلها مجرّد متلقِ.
تتطلب هذه المراوحة السلبية إبتكار أدوات لتأمين إستمراريتها ومشروعيتها الإعلامية والسياسية لدى جمهور أفرقاء الإنتظار، لعلّ أبرزها ذرائع الحصص المنفوخة التي باتت الشمّاعة التي عليها تعلّق حكومة سعد الحريري الثالثة، وربما الأخيرة في هذا العهد الرئاسي.
من الواضح أن زجّ بعض العاملين على خط المشاورات الحكومية، من خارج مكونَيّ التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، تفاهم معراب في سياق أي بحث حكومي، إنما يرمي الى إضفاء مزيد من التعقيدات في سبيل تأخير إتمام هذا الإستحقاق. إذ من الطبيعي أن يكون هذا التفاهم، بصرف النظر عما آل اليه، مُلك موقعَيه وحدهما، ولا شأن لغيرهما فيه، لا عند النقاش في التركيبة العددية للحكومة، ولا لاحقا عند توزيع الحقائب وإسقاط الأسماء.
هذه المسألة محسومة قطعا لدى قيادة التيار التي تستغرب مبادرة أفرقاء محددين بالإسم، هم جزء رئيس في صنع التعقيدات القائمة وتثبيتها، الى إثارة مسألة تفاهم معراب ومندرجاته، في كل مرة يقرب البحث من إمكانات متقدّمة.
التفاهم في حد ذاته قائم في شقه السياسي – التصالحي، لو في الحد الأدنى، أما الشق التحصيلي منه، بمعنى الأثمان المفترض أن تنالها القوات اللبنانية لقاء التسليم برئاسة العماد ميشال عون، فمجمّد نظرا الى مجموعة سلبيات تراكمت على ضفة هذا الشق، تتعلق بطرائق ممارسة سياسية غير سوية حصلت وتركت أكثر من علامة إستفهام لجهة إستحالة التوفيق بينها وبين الدعم القواتي المفترض للعهد.
ولا تلغي المطالبة المتكررة للقوات بالعودة الى العمل بالشق التحصيلي منه (الأثمان المفترضة) في البحث الحكومي القائم، حقيقة التجاوزات التي فرضت تعليق (أقرب الى إلغاء) العمل بهذا الشق، وليس بالمصالحة بحد ذاتها رغم ما أصابها من تهشيم نتيجة الحملات الإفتراضية والعودة الى الشحن والتحريض ولغة الإنقسام، وليس إنتهاء بالإنكار القواتي لحصة رئيس الجمهورية، رغم أن هذه النقطة بالتحديد واضحة وضوح الشمس في مندرجات التفاهم!
كما لا تلغي هذه المطالبة حقيقة الهجوم المباشر الذي يتعرّض له رئيس التيار الوزير جبران باسيل والسعي الى التفريق بينه وبين رئيس الجمهورية، وإتهامه في غالب الأحيان بالسير في خيارات تتناقض والموقف الرئاسي، وهو أمر لا يستوي ولا يستقيم، علما أنه هو الذي وقّع، لا العماد عون، وثيقة التفاهم.
لهذه الأسباب، معطوفة على ممارسات سابقة ومتواصلة لوزراء القوات ونوابها، يصبح تحرّر باسيل من موجبات أثمان التفاهم أمرا أكثر من جائز ومشروع، مع إشارة لافتة ومعبّرة في هذا السياق تتمثل في غياب أي موقف قواتي مما تكشّف عن إحتمال هدر وفساد في تلزيمات مطار بيروت الدولي، (وقبلها ما يرشح عن هدر في قطاع حيوي بملايين الدولارات التي تذهب كتنفيعات الى جانب الإستثمارات الضخمة المشوبة بعيب المحاصصة) وهو ما يؤكد صحة ما يقال عن أن القوات لا تتحرك إلا في كل ما يعني وزراء التيار، حتى لو كانت المسألة المثارة قواتيا هي في سياق القيل والبروباغندا المكرَّرة والتي لا تخرج عن سياق الإستهداف المتبادل.