Site icon IMLebanon

التفاهم على أولويات الحوار؟!

يقال عن الحوار انه الحل الأمثل للتفاهم وللتواصل وهذا ما نرجوه مما طرحه الرئيس سعد الحريري بإسم قوى 14 آذار على حزب الله ممثلاً لقوى 8 آذار، من غير حاجة الى إستبعاد الفشل لأن المشاكل العالقة سياسياً ووطنياً أكبر من أن تعالج من خلال ما لدى الجانبين من تصورات، لاسيما بالنسبة الى معضلة رئاسة الجمهورية التي باتت تشكل عقدة العقد للجميع على السواء. ومن هنا بالذات طرحها الرئيس الحريري كمدخل لمعالجة مختلف ما يجب أن يكون في مقدم ما هو مرجو من حلول، حيث لا يعقل أن تبقى جمهورية من دون رئيس (…)

وإذا كان لابد من الخوض في الحوار من خلال ما هو مرجو من حلول لموضوع الرئاسة الأولى، فهناك مواضيع أخرى لا تقل أهمية عن الرئاسة مثل الإنتخابات النيابية التي تتطلب بدورها حلاً لجهة القانون الواجب إعتماده، خصوصاً إن اللاقانون حتم اللجوء الى التمديد لمجلس النواب وهذا ما لا يعقل الإتكال عليه تكراراً لأسباب مقبولة مثل الحال الأمنية ومثل عدم التفاهم على قانون يرضي الغالبية التي تتطلع الى ما يلبي مصلحة الجميع على السواء!

صحيح أن طرح الحوار سيقتصر بداية على قوى 14 آذار ممثلة بالرئيس سعد الحريري أو من ينتدبه، وعلى قوى 8 آذار ممثلة بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أو من ينتدبه، الأمر الذي يستدعي تفاهماً على أعلى المستويات بالنسبة الى موضوع مشاركة الحزب في الحرب السورية وصولاً الى تحديد ماهية السلاح غير الشرعي الذي لم يعد بحال من الأحوال «زينة الرجال»، إلا إذا كان ثمة مجال لعملية تسليح شمولية لا توقر أحداً وعندها لابد من الإعتماد على السلاح لحل المشاكل والمواضيع العالقة التي يفهم منها أنها المدخل الأساسي لاستعادة العافية الوطنية التي تفرض على الجميع وضع اوراقهم على الطاولة إن لجهة المطالب، أو لجهة ما يجب إدراكه من واقع الحياة العامة في لبنان!

فالذين يريدون الإستمرار في إقتناء السلاح ليسوا قلة، لكن الذين يتطلعون الى سلاح الدولة الشرعي هم الأكثرية المطلقة، أقله كي يعرف المواطن من هي الجهة التي تحكمه وتسيطر على قرار السلطة التي من الضروري والواجب ان تكون كلمة السلام وكلمة الحرب بيدها. وهذا الأمر يتطلب استيعاب ماهية المشاكل العالقة التي تمنع الوصول الى حوار منتج وجدي حتى إشعار آخر، لاسيما أن الشكوى من سلاح حزب الله لا تقتصر على جهة من دون أخرى، ما يجعل الأمور أمام حل من إثنين: إما أن يكون السلاح بيد الدولة، واما أن لا تكون دولة تتمتع بالسلطة المطلقة؟!

على هذا الأساس من الواجب ان يفهم الحوار المرجو بعكس ما يتطلع اليه أولئك الذين يبنون علاقتهم بالسلطة وبغيرهم من المواطنين على أساس ما بين أيديهم من قوة سلاح، لابد وأن يقال عنه وعليه إنه قوة بيد الدولة، وكل ما عدا ذلك سيبقى مضيعة للوقت وللجهد في آن معاً، والأمر الذي يحتم قبل الحوار، نيات واستعدادات للتفاهم على ما يجب إنجازه هو تجنب التمسك، بمقولات لا مجال للتوقف عندها، لمجرد أن السياسة التي إختطها البعض لمصلحته تحولت الى سياسة إنهاك للبلد ولاستقراره وسلامته العامة.

من هنا، يجب على الجميع تجنب تدوير الزوايا بحسب ما يرغبون فيه لأن مصلحة البلد قبل أية مصلحة أخرى يتطلع إليها البعض لجني مكاسب لما فيه مصالح ذاتية وشخصية من الواجب تجنبها، للقول مثلاً إن بوسع المتحاورين الوصول الى نتائج إيجابية في المستقبل المنظور، لاسيما أن الإستحقاق الرئاسي عامل أساسي وملح لإفهام من لم يفهم بعد إن الجمهورية من دون رئيس هي بمثابة جسم من دون رأس، ولا حاجة للقول حيال ذلك إن فلاناً مصر على أنه يفضل الإعتماد على «تطيير النصاب» في حال لم يكتب له أن يصل الى قصر بعبدا. والمقصود هنا هو رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد المتقاعد ميشال عون الذي يصر على مقاطعة جلسات الإنتخاب مع حليفه حزب الله؟!

ومن هنا بالذات، يجب أن ينطلق الحوار، لإفهام من لم يفهم بعد، إن إستمرار الفراغ في الرئاسة الأولى حال سياسية مرضية من الواجب معالجتها بسرعة وبأولوية، أقله لانتخاب من يستحق الرئاسة من غير حاجة الى فيتوات من هنا أو من هناك، حيث لا يعقل التمسك بترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مقابل مقاطعة قوى 8 آذار الإنتخابات الرئاسية وكل ما له علاقة بملء الفراغ الرئاسي!

السؤال المطروح على «من سيتحاور مع من» : هل من استعداد لوضع جدول أعمال بالنسبة الى الأولويات، كي لا يصل المتحاورون الى التمسك بمطالب من المستحيل الوقوف عند أي منها، قبل أولوية الإنتخابات الرئاسية ومن ثم وضع قانون للإنتخابات النيابية وبعد ذلك طرح موضوع إنسحاب حزب الله من الحرب السورية، قبل الإنصراف الى بحث قضية السلاح غير الشرعي، على أمل تشريعه بمختلف وسيلة متاحة؟