IMLebanon

المطلوب التفاهم على قانون توافقي يُرضي كل الأطراف ولا يستبعد أحداً

تباين المواقف من الصيغ المطروحة يعطّل مساعي التوصّل إلى قانون انتخابات جديد

المطلوب التفاهم على قانون توافقي يُرضي كل الأطراف ولا يستبعد أحداً

«الشعارات التي تترافق مع الدعوة إلى اعتماد النسبية كاملة في القانون المرتقب سبق أن ردّدها من قبل دعاة تعديل قانون الستين بعد مؤتمر الدوحة!»

يلاحظ بوضوح أن مواقف الأطراف السياسيين لا تزال متباعدة بشأن قانون الانتخابات النيابية الجديد وتزداد حدة مع اقتراب موعد انتهاء المهلة الدستورية لوضع هذا القانون بسبب تشبث كل طرف بموقفه وتعثر المحاولات المبذولة خلال اللقاءات المتعددة للتوصل إلى صيغة وسطية مقبولة تجمع بين المواقف كلها وتمهد لولادة قانون يرضي اكثرية الأطراف المؤثرة في المعادلة السياسية القائمة، لأنه لا يمكن في النهاية استرضاء الجميع من دون استثناء ولا شك أن استمرار الخلافات القائمة على النحو الجاري حالياً واصرار كل طرف على التمسك بالقانون الذي يراه مناسباً لتحقيق مكاسب في الانتخابات النيابية المقبلة تؤمن له حصة وازنة في المجلس النيابي الجديد على حساب خصومه السياسيين وتوفر له فرصة مؤاتية للمشاركة في التركيبة السلطوية المنبثقة عن الانتخابات، سيؤدي الى تشبث الاطراف الاخرين بمواقفهم وبصيغة القانون المرتقب الذي يقف حائلاً دون خسارتهم لنسبة التمثيل النيابي والسلطوي على حدّ سواء. وهكذا لن يحصل اي تقدم في النقاش الدائر بين الاطراف المتعددين في سبيل التوصل الى صيغة قانون انتخابات جديد، إذا بقيت الأمور تدور في دائرة القبول والرفض السائدة حالياً، بالرغم من إعلان هذا الطرف أو ذاك رفضه لإجراء الانتخابات المقبلة على أساس قانون الستين النافذ حالياً، ورغبته في إنجاز صيغة قانون انتخابات جديدة تؤسس للمرحلة السياسية المقبلة وتعبّر عن تطلعات أكثرية اللبنانيين بالتغيير وافساح المجال امام تمثيل وجوه جديدة إلى المجلس النيابي المقبل.

فالشعارات التي تترافق مع الدعوة إلى اعتماد النسبية كاملة في القانون المرتقب والتسويق بأنها تحقق المساواة والتمثيل الصحيح بين كل اللبنانيين، هي شعارات سبق وأن رددها من قبل دعاة تعديل قانون الستين بعد مؤتمر الدوحة «مقولة الوزير جبران باسيل الشهيرة يومئذ وقوله اعدنا حقوق المسيحيين إلى اصحابها»، وعندما افرزت صناديق الاقتراع فوز خصومه السياسيين، بدأ الحديث عن ضرورة انتخابات جديدة على اساس النسبية الكاملة لعله يحقق الغلبة على الخصوم هذه المرة ويستند الى دعم «حزب الله» وحلفائه أيضاً.

فمن هو الطرف أو الجهة التي تؤكد أن قانون النسبية الكاملة هو الذي يحقق المساواة والعدالة وحسن التمثيل لكل اللبنانيين في جميع المناطق اللبنانية، مع استمرار وجود مناطق خارجة عن سيطرة الدولة اللبنانية وجزر أمنية لحزب الله في اكثر من منطقة في ظل رغبة مكشوفة لاضعاف وتحجيم الخصوم السياسيين جرّاء التشبث بهذا القانون، ومن يضمن عدم المطالبة بتغيير او ابدال صيغة النسبية الكاملة في حال جاءت نتائجه مخيبة لآمال وطموحات ومكاسب الداعين لاعتماد هذه الصيغة؟

والسؤال الآخر والأهم الذي يترافق مع جلسات النقاش والحوار حول القانون العتيد المرتقب، هل بالفعل يتناسب اعتماد النسبية الكاملة مع واقع التركيبة الطائفية والمذهبية في لبنان؟ وهل يؤدي اعتماد مثل هذا القانون الى الاستقرار السياسي المطلوب أم يؤسّس لمرحلة جديدة من الاهتزازات والمشاكل السياسية والأمنية في حال شعرت أي فئة أو شريحة ما بغبنٍ في التمثيل أو تهميش مقصود ضدها؟

إزاء التعارض بالمواقف، يبدو أن اعتماد النسبية كاملة في أي قانون انتخابات جديد هو بمثابة خوض غمار تجربة جديدة في لبنان لا تعرف نتائجها بالرغم من كل محاولات توصيفها المفيدة من قبل الداعين لها في مرحلة صعبة وحساسة يمر بها لبنان والمنطقة، وهي كالمغامرة غير محسوبة النتائج في نظر معارضيها، في حين أن إعتماد صيغة تجمع بين النسبي والأكثري قد تكون أقل وقعاً وأكثر قبولاً وترضي الطرفين معاً، بينما استمرار الخلافات والتباينات القائمة سيؤدي حتماً إلى بقاء قانون الستين ساري المفعول واجراء الانتخابات على أساسه ستكون الأوفر حظاً والأكثر قبولاً من قبل معظم الأطراف الذي يُظهرون علناً رفضهم لهذا القانون وضمناً يريدون استمراره لضمان حصتهم التمثيلية في المجلس والسلطة على حدّ سواء، وهم يحاولون التلطي وراء من يتبنى التشبث بقانون الستين ولمطالبة باعتماده علناً وبلا مواربة.

والأمر المقلق، فإن استمرار الخلافات السائدة حول صيغة قانون الانتخابات الجديد والفشل بالتوصل إلى صيغة متوافق عليها من الأطراف الأساسيين، يؤشر إلى عودة أجواء التشنج السياسي والإنقسامات السياسية التي كانت سائدة قبل انتخابات الرئاسة، الأمر الذي سيؤدي إلى انعكاسات سلبية ضارة وهو ما يحاول الجميع تجنبه في الوقت الحاضر.