Site icon IMLebanon

“جلسة الاونيسكو” والتذكير المفيد

 

 

كان أنسب لو التأم البرلمان في مبنى فسيح لبلدية بيروت او في سرادق يستحدث خصيصاً في سباق الخيل، فلقصر الاونيسكو رمزية ثقافية وتربوية تجعله “مبهبطاً” على مجلس أقل المطلوب منه تقصير ولايته لفك أسر النظام السياسي.

 

أفضل ما في أحداث أمس التي تمحورت حول “جلسة الأونيسكو” انها ذكَّرت بالغث والسمين، وأكدت ان التركيبة السياسية الفاسدة لن تستطيع احتكار المشهد السياسي ومصير اللبنانيين الى أبد الآبدين مهما أبدت من مرونة أشبه بالألاعيب.

 

ورغم قول الرئيس بري “إن المجلس يقوم بدوره وأكثر تشريعياً ورقابياً مهما قالوا ويقولون”، فإن أبواق سيارات الثورة وأعلامها أبلغت السلطة مجتمعة وعلى رأسها الأستاذ نبيه أنها عائدة “شاء من شاء وأبى من أبى”، وأنّ حق اللبنانيين في إسقاط المنظومة التي أوصلتهم الى الكارثة هو حقّ أصلي ولا تستطيع اللهجة العالية أو العصا الغليظة، سواء أتت من رئيس مجلس النواب أو رئيس الجمهورية أو الحكومة مجتمعة أو من “الخندق الغميق”، أن تغيّر في شعار “كلّن يعني كلن”، ولا أحدَ معفيٌّ “منهم”.

 

ورغم القناعة بأن مرفق التشريع يجب أن يسير، فإن بعض ما يثمر عنه يطرح السؤال الدائم عن جدوى بعض القوانين ما دام الناس مقتنعين بأن “حاميها حراميها”، وبأن التلهي بنصوص جديدة ذر رماد في عيون الثائرين.

 

لكن أحلى نكتة أمس كانت انشاء “هيئة مكافحة الفساد”، فيما القوانين النافذة قادرة على محاسبة المرتكبين، والتشكيلات القضائية التي راهن عليها اللبنانيون مؤشراً الى قضاء مستقل دخلت في سرداب وزيرة الدفاع ومكاتب القصر الجمهوري، بعدما تعفنت وتفسخت لدى وزيرة العدل المدعية الخروج من “رحم” 17 تشرين.

 

تذكير آخر مفيد أتى على لسان النائب نديم الجميل حين حذَّر من وجود مسلحين مدنيين في قصر الاونيسكو. ورغم ترجيح أن يكون الرئيس بري محقاً في ان العناصر تابعة للأجهزة الأمنية، فإن السؤال يبقى مطروحاً عن شرعية شرطة مجلس النواب بعدما مارست أدواراً ميليشيوية قمعية في حق المتظاهرين، واتهمتها وزيرة الداخلية السابقة ريّا الحسن بما يوجب حلّها على أقل تقدير.

 

لم تكن المسيرات السيّارة التي عمّت لبنان من أقصاه إلى أقصاه إلا تذكيراً بسيطاً للمجلس الذي انجب حكومة حسان دياب، بأن الشعب بالمرصاد، وأن استغلال أزمة الكورونا لتكسير خيم ساحتي الشهداء والنور كان مجرد قصر نظر أمني وسياسي. فهذه الثورة باقية ما دامت التركيبة السياسية التي فسدت وأفسدت مصرة على البقاء وانكار ما اقترفته والتنكر للواقع الجديد، وهي ليست مجرد ثورة جوع بالتأكيد بل ثورة وعي بالمواطنية والعدالة وبضرورة قيام الدولة، أمور كانت آخر هموم من تعاقبوا على السلطة منذ العام 1990، فتقاسموا وتحاصصوا وباعوا السيادة ونهبوا ودائع المواطنين… ثم يأتون لإهانة ذكاء الناس بادعاء الاصلاح والتغيير انطلاقاً من صرحِِ علَّةُ وجوده الصدق والعلم والتنوير.