IMLebanon

إلى مفوضية شؤون اللاجئين: عن أي «عودة طوعيّة» تتحدّثون؟

 

 

يقدّر عدد اللاجئين السوريين بمليونيّ شخص معظمهم تسلّلوا الى لبنان ولا يملكون أوراقاً نظامية، استوطنوا في تجمعات ومخيمات يقارب عددها ثلاثة آلاف انتشرت عشوائياً في المناطق كلها، في حين تظهر بيانات المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين أن المسجلين لديها يبلغون قرابة ٨٥٠ ألف لاجئ، وقد زاد تدفق السوريين خلسةً الى لبنان بعد الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا في السادس من شباط الماضي. ويتلقّى هؤلاء مساعدات مادية من الأمم المتحدة عبر مفوضية اللاجئين واليونيسف وغيرهما من جمعيات دولية، في حين يعيش المجتمع المضيف حالة من الفقر والعوز والقهر ما يفاقم التوتر بين الأطراف في المناطق اللبنانيّة كافّة. وقد زادت حدّة الأزمة دعوة بعض السوريّين التافهين أترابهم الى الدفاع عن أنفسهم بقوة السلاح والتهجّم على الجيش اللبناني، في حين تتصاعد مخاوف اللبنانيّين من الحديث المتكرر عن إمكان تسليح المخيمات السورية لأن أكثرية السوريين مدرّبون على السلاح خلال خدمتهم الإجباريّة في الجيش السوري. ناهيكم عن ارتفاع نسبة الجرائم التي يرتكبها السوريون وتتراوح بين جرائم القتل والاغتصاب والإعتداء المسلح والسرقة وحمل السلاح والمتاجرة بالمخدرات والتهريب.

بدايةً تعرّف المادة الأولى من اتفاقية اللجوء الدوليّة لسنة ١٩٥١ صفة «اللاجئ» بأنه شخص يوجد خارج بلد جنسيته أو بلد إقامته المعتادة، بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب العنصر، أو الدين، أو القومية، أو الانتماء إلى طائفة اجتماعية معينة، أو إلى رأي سياسي، ولا يستطيع بسبب ذلك الخوف أو لا يريد أن يستظل بحماية ذلك البلد أو العودة إليه خشية التعرض للاضطهاد. وتوضح الاتفاقية حقوق اللاجئ بما في ذلك حقوقه من قبيل حرية العقيدة والتنقل من مكان إلى آخر، والحق في الحصول على التعليم، ووثائق السفر، وإتاحة الفرصة للعمل، كما أنها تشدد على أهمية التزاماته تجاه الحكومة المضيفة. وتقع على عاتق الحكومات المضيفة، بصفة أساسية، مسؤولية حماية اللاجئين. كذلك تعتبر البلدان التي وقّعت على الاتفاقية ملزمة بتنفيذ أحكامها.

أمّا بخصوص المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين في لبنان، فهي تحتفظ بحسب اتفاقية اللاجئين بـ «التزام رقابي» وتتدخل حسب الاقتضاء لضمان منح اللاجئين الصادقين اللجوء في الدول التي وقّعت الاتفاقيّة. ويجدر تذكير المفوضيّة بأن الجمهوريّة اللبنانيّة لم توقّع على الاتفاقية، وعليه ليست الحكومة اللبنانيّة مرغمة على تأمين حماية اللاجئين إلّا بنسبة محدودة وبحدود الخدمات الأساسية.

كذلك نصّت الاتفاقيّة الأمميّة، التي لم يوقّع عليها لبنان، على عدم جواز إعادة اللاجئ إلى بلد يخشى فيه من التعرض للاضطهاد. إلّا انّ أعداداً كبيرة من اللاجئين الموجودين في لبنان تؤيد النظام الحالي وشاركت في الانتخاب للتجديد للرئيس بشار الأسد، وتقوم بزيارة سوريا بشكلٍ دوريٍ، ممّا يسقط صفة «اللاجئ» عنهم ويحرمهم من التذرّع بحقّ الحماية من الترحيل، خصوصاً من يدخل منهم الى لبنان أو يغادره خلسةً الى سوريا كونهم ليسوا صادقين ويستغلون النظام الأممي، لذلك لا يجوز للمنظمات الدولية التذرّع بإمكانيّة تعرّض العائدين للأذى في سوريا ولزوم البقاء في لبنان، ولم تعد شمّاعة «العودة الطوعيّة» تنفع.

كذلك نصّت الاتفاقيّة على دور الأمم المتحدة والمفوضيّة في مساعدة اللاجئين على بدء حياتهم مجدداً من خلال العودة الطوعية إلى أوطانهم وعليه من الأجدى أن تتوقف المنظمات الدولية والمؤسسات غير الحكوميّة عن إغراء اللاجئين بالمال والمساعدات المقدّمة للبقاء في لبنان، والأجدى أن تقدّم عطاءتها السخيّة الى اللاجئين عند عودتهم الى سوريا ومساعدتهم في الاستقرار هناك والمساهمة في إعادة بناء بلدهم المنكوب. وإذا استحال اعادتهم الى سوريا، فمن واجب الأمم المتحدة والمفوضيّة مساعدة اللاجئين من خلال إعادة توطينهم في دول مضيفة أو «بلدان ثالثة» أخرى، وخصوصاً انّ عدداً كبيراً منهم يعتبرون لبنان محطّة انتظار ليتم نقلهم الى البلدان الأوروبية التي تتغنّى بحقوق الإنسان.

وفي حين لا تتجاوب الدولة السوريّة مع ملف اللجوء في لبنان، على الأمم المتحدة أن تتواصل معها لمعالجة العقبات أمام عودة اللاجئين بأعداد كبيرة، ومساعدة لبنان على تنفيذ الخطة التي وضعتها اللجنة الوزارية لمتابعة عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

ختاماً، يقف اللبنانيون خلف الحكومة اللبنانيّة، وخصوصاً وزير الشؤون الاجتماعيّة الدكتور هكتور الحجّار، في مساعيها لإعادة اللاجئين السوريّين في لبنان الى بلدهم او إعادة توطينهم في دول مضيفة أُخرى، ومواصلة تدابير الجيش والقوى الأمنية بحق المخالفين خصوصاً لجهة الداخلين بصورة غير شرعية وغير الحائزين على الوثائق الرسمية والقانونية، تفادياً للانفجار الاجتماعي الذي بات وشيكاً.

انّ القرار في هذا الملف الشائك هو لبنانيّ بإمتياز وهو ملك اللبنانيّين، وينبغي على المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين، التي نستضيفها في لبنان، الالتزام بما نريده نحن الشعب.