Site icon IMLebanon

إذا غادرت “اليونيفيل”…

 

تعايش “حزب الله” مع قوات “اليونيفيل” في الجنوب، ومثلما وضع مع اسرائيل قواعد اشتباك، أيضاً رسم لقوات حفظ السلام “الخطوط الحمر”، وفرض عليها القواعد الآتية: “الدخول إلى الأملاك الخاصة ممنوع… معاينة مواقع جمعية أخضر بلا حدود ممنوعة… توقيف المعتدين على قواتكم ممنوع”، ويطبق “حزب الله” بذلك مقولة أمينه العام: “أينما يجب أن نكون… سنكون!”.

 

وأمام هذه المعادلة لا بد من طرح المفارقة الآتية: اعتدنا عند كل اشتباك بين اسرائيل و”حزب الله”، مسارعة الدولة اللبنانية إلى إدانة الاعتداء الاسرائيلي، وهذا مفهوم لا بل مطلوب، علماً أن الأمر يتطلب أيضاً تحميل “حزب الله” المسؤولية وإعطاء الجيش اللبناني الضوء الاخضر للرد وبحزم على أي اعتداء اسرائيلي، لكن السؤال “دولة مغلوب على أمرها”: أين يجب أن تكون الدولة اللبنانية بجيشها وقضائها عندما يعتدي “حزب الله” على “اليونيفيل”؟

 

حتى اليوم ورغم مرور سنة و9 اشهر على الحادثة التي وقعت في 4 آب 2018 في قرية مجدل زون (القطاع الغربي) التي هاجم فيها أفراد مسلحون دورية تابعة للقوة الموقتة، ورغم تقديم “اليونيفيل” معطيات تساعد في توقيف الجناة، ورغم تقديم الجيش تقريره الذي يؤكد فيه أن المعتدين “أفراد منظمون” لم تبلّغ الامم المتحدة بتوقيف الجناة ولا حتى بمذكرات توقيف بحقهم. وجفّ حبر قلم الأمين العام للامم المتحدة وهو يطالب في تقاريره السلطات اللبنانية بتوقيف المعتدين.

 

إهمال وصمت متواصلان دفعا المعتدين إلى تكرار فعلتهم مرات ومرات، ففي التقرير ما قبل الاخير الذي صدر في 10 آذار وهو يوثق مرحلة ما بين 1 تشرين الثاني 2019 و18 شباط 2020، يتحدث الأمين العام عن حادثة لا تقل خطورة عن السابقة:

 

“وقع أخطر حادث في 10 شباط في برعشيت (القطاع الغربي) حيث احتج 15 فرداً بملابس مدنية احتجاجاً عنيفاً على وجود دورية تابعة للقوة. وأصبحت تصرفات هؤلاء الأفراد عدوانية. حيث تسلقوا إحدى ناقلات الأفراد المدرعة واستولوا من داخل المركبة على جهاز لاسلكي محمول وجهاز لنظام تحديد المواقع ودفتر وخريطة بعد أن فتحوا المدخل العلوي عنوة. وخلال هذا العراك قام بعض الأفراد بلكم أربعة من حفظة السلام الذين استخدموا بدورهم معدات لمكافحة الشغب لصد اولئك الأفراد. وتعرض أحد افراد حفظ السلام لإصابات طفيفة. ووقع حادثان آخران في المنطقة نفسها في 14 و29 كانون الثاني وفي كل حادث منهما قام عدة افراد على متن مركبات بتوقيف حركة دورية تابعة للقوة الموقتة وأخذت في الحادث الثاني بعض المعدات من مركبة دورية تابعة للقوة وفي حالة أخرى ادعى السكان المحليون ان المواقع المحددة التي كانت القوة تحاول الوصول اليها هي املاك خاصة”.

 

تستمر الاعتداءات على قوات “اليونيفيل” عبر افراد يعطيهم “حزب الله” شكل المدنيين وجمعية ترتدي ثوباً بيئياً ودولة عاجزة، ورغم ذلك أعلن رئيس الحكومة حسان دياب تمسك الدولة بتطبيق القرار “1701”، تطرق إلى الانتهاكات الاسرائيلية للقرار، وغابت عنه أجزاء من التقارير التي يستنجد فيها الأمين العام للأمم المتحدة بالدولة لتوقيف معتدين، وغاب عن دياب ايضاً السطر المتكرر في كل التقارير: “لم يحرز أي تقدم في ما يتعلق بنزع سلاح الجماعات المسلحة، ولم يحرز أي تقدم في تفكيك القواعد العسكرية التي تحتفظ بها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة وفتح الانتفاضة…”.

 

وأخيراً، تبذل الدولة جهودها للتمديد لعمل قوات “اليونيفيل”، ليس لتطبيق القرار 1701 الذي لا يلتزم به الطرفان “حزب الله” واسرائيل، منذ صدوره، بل الحقيقة أن مغادرة “اليونيفيل” عن الحدود تعني أمراً واحداً… أن الحرب وقعت.