موقف رسمي موحّد على تحييد لبنان عن الصراعات والمحاور
ظريف أعاد تصويب موقف بلاده بالتأكيد أنّ انتخاب عون انتصار للجميع
بدت الرسالة واضحة التي أرادت دمشق وطهران إرسالها الى مَن يعنيهم الأمر في لبنان وخارجه، من خلال زيارتَي التهنئة اللتين قام بهما مبعوث الرئيس السوري بشار الأسد وزير شؤون الرئاسة منصور عزام، ووزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف الى رئيس الجمهورية ميشال عون بانتخابه، في إشارة معبّرة الى أنّ ما تحقق بانتخاب عون بمثابة انتصار لمحور الممانعة الذي تمكّن من الثبات على موقفه حتى نجح في نهاية المطاف من توفير الدعم لمرشح قوى «8 آذار» حليف «حزب الله» وأمينه العام وإيصاله الى سدّة الرئاسة الأولى في لبنان، في الوقت الذي ما كان مقرّراً للرئيس عون أن يصل الى رئاسة الجمهورية لولا مبادرة الرئيس سعد الحريري بترشيحه، بعد تبنيه من قبل «القوات اللبنانية» وتأييده من جانب النائب وليد جنبلاط، ما جعل «حزب الله» ملزماً الإيفاء بالوعود التي قطعها لحليفه منذ سنوات بدعمه لرئاسة الجمهوريّة.
وفيما كان الموقف السوري الذي عبّر عنه الوزير عزام أكثر إصراراً على الاستمرار في سياسة النظام تجاه لبنان واستثمار انتخاب الرئيس عون لمصلحته، كان الموقف الإيراني الذي جاء على لسان الوزير ظريف أكثر دبلوماسية إذا صح التعبير من خلال اعتباره أنّ انتخاب الرئيس عون، إنما هو انتصار لكل اللبنانيين وليس هناك رابح أو مهزوم، ما اعتبرته أوساط سياسية بأنّه محاولة إيرانية للتخفيف من تداعيات ما صدر عن عدد من قادتها الذين اعتبروا انتخاب الرئيس عون انتصار للخط الإيراني في لبنان، وما أثاره من ردود فعل رافضة ومستنكرة.
واستناداً الى المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، فإنّ ما سمعه الوزير الإيراني من الشخصيات اللبنانية الرسمية التي التقاها، يؤكد الحرص على توفير كل الدعم المطلوب للعهد الجديد ليقوم بالدور الملقى على عاتقه لإخراج البلد من أزماته، وإعادة الاعتبار الى المؤسسات الدستورية وإنجاز الاستحقاقات في أوقاتها، بالتوازي مع الحرص على أفضل العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة، مع تقديم المصلحة الوطنية على ما عداها، وهو ما أكد عليه الرئيس عون في خطاب القسَم وعاد وذكره في كلمته في يوم التهنئة الشعبيّة في «بيت الشعب» الأحد الماضي، في رفض واضح لكل أنواع الوصايات الخارجية التي تترك تداعياتها على النسيج الداخلي وتعيد أجواء الانقسامات في مرحلة دقيقة من تاريخ لبنان تتطلّب تحصيناً للوحدة الداخلية وحماية الاستقرار بالتفاهم على بناء الدولة والمؤسسات والتوافق على تنقية العلاقات الخارجية من كلّ الشوائب التي قد تعتريها وحصرها في أطرها الرسمية المحددة.
وتشير المعلومات الى أنّ البيان الوزاري للحكومة العتيدة سيأخذ بالكثير مما تضمّنه خطاب القسم وتحديداً في ما يتصل بإبعاد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الخارجية ورفض الوصايات من أيّ جهة أتت، والالتزام بالمواثيق والمعاهدات الدولية، لكون لبنان في أمسّ الحاجة الى الخروج من هذا المأزق لتوفير الاندفاعة القويّة للعهد الجديد ليقوم بما هو مطلوب منه.