IMLebanon

«الهجمة» الاميركية تتصاعد ولبــنان يُواجه بـ «شراء الـوقـت»

الضغوط المتجدّدة لتوسيع مهام «اليونيفيل» شرقاً.. لن تمــرّ

 

لان الكل مأزوم، والفوضى السياسية، والصحية، والاقتصادية، والعسكرية، تعم العالم، فالافضل تاجيل كل شيء الى ظروف افضل،هكذا تدار الامور الان في كل مكان، فلماذا يكون لبنان استثناء؟ ثمة رئيس في الولايات الاميركية يدفع ببلاده الى صدام داخلي دفعت بالصحافي الاميركي توماس فريدمان في صحيفة نيويورك تايمز الى مقارنة الاوضاع في بلاده اليوم بما كانت عليه عام 1975قبيل اندلاع الحرب الاهلية في بيروت حيث كان يومها يغطي الاحداث على الارض،وثمة رئيس يدفع العالم الى الفوضى، ويخوض معركة «بهلوانية»مع وباء» «كورونا»،ويدعو «ميليشياته» للاستعداد لمواجهة محتملة لفرض وجوده في البيت الابيض، اذا اليس من الافضل انتظار نتائج الانتخابات بعد اقل من شهر لربما نجح الاميركيون في اخراجه من السلطة؟

 

الجواب بالطبع هو نعم، وهذا الكلام ليس مجرد قناعات لبنانية تحولت الى وقائع بعدما «طارت» المبادرة الفرنسية، وانما هي قناعة اوروبية اقتنع بها الفرنسيون متاخرين بعدما اكتشفوا «ضحالة» تفكير الرئيس ايمانويل ماكرون الذي ظن لوهلة انه قادر على تجاوز الاميركيين على الساحة اللبنانية، ورفعوا بوجهه «البطاقة الحمراء» واخرجوه من «الملعب» دون ان يحفظوا له «ماء الوجه»، ولهذا تغيب الاتصالات الفرنسية حكوميا، بانتظار التطورات الاميركية، وهذا يعني حكما ان دعوة الرئيس ميشال عون الى اجراء استشارات نيابية في الـ 15 من الجاري مجرد «لعب» في «الوقت الضائع»، وهي مرشحة للتاجيل في ظل غياب اي تفاهمات داخلية مع فريق «الاقلية» النيابية حول رئيس الحكومة العتيد وشكل الحكومة، بينما لا نية عند «الاكثرية» لتكرار تجربة حكومة «اللون الواحد» بعد السقطة المدوية لحكومة حسان دياب.

 

هذا «التجميد» السياسي «للحالة» اللبنانية، لا يعني حكما ان البلاد وضعت في «ثلاجة» ريثما يتبلور المشهد الاميركي، فواشنطن تستمر في «هجومها» اقتصاديا، واعلاميا، وسياسيا، لاضعاف حزب الله في الداخل اللبناني، وتشير اوساط سياسية بارزة الى ان الحديث عن دفع المصارف اللبنانية لاقفال فروعها في مناطق «نفوذ» الحزب تحت وطأة التهديد بالعقوبات، اجراء يحتاج الى مسار قانوني في الكونغرس، وحسابات معقدة ترتبط بماهية هذا القطاع ودوره المستقبلي في «الاجندة» الاميركية، وربما ياخذ المزيد من الوقت قبل ان يصبح امرا واقعا، في المقابل تستعد وزارة الخزانة الاميركية لاستكمال مسار وضع شخصيات ومؤسسات لبنانية على لائحة العقوبات بالتزامن مع انطلاق مفاوضات ترسيم الحدود مع اسرائيل في 14 الجاري، لرفدالمفاوض «الاسرائيلي» «باوراق قوة» على الطاولة في محاولة للحصول على تنازلات مبدئية ترسم المسار العام للتفوض قبل ان تتغير الادارة الاميركية في كانون الثاني المقبل، ويتغير «الوسيط» الاميركي الحالي ديفيد شينكر الذي يزايد في تطرفه على اليمين «الاسرائيلي»…

 

ومن هنا، قد يكون للبنان مصلحة في عدم وجود حكومة مكتملة الاوصاف مع بداية عملية التفاوض، وهو امر يخفف من حجم التحدي امام المؤسسة العسكرية التي تقود في الناقورة عملية التفاوض غير المباشر، ويجعلها خارج دائرة الابتزاز الاميركي، ولهذا ترى اوساط نيابية ان المهمة اللبنانية الان تقضي «بالمراوغة» «وشراء الوقت» وعدم «بيع» الادارة الاميركية الحالية مواقف لن تغير في موقفها العدائي شيئا، ويبدو ان ثمة تفاهمات واضحة بين المؤثرين الرئيسيين في هذا الملف على «ادارة الظهر» «للانحاء» «الشكلي» امام «العاصفة» مع تمسك حاسم بعدم حصول تنازلات في المضمون لاحقا، وهو ما ترجمه رئيس مجلس النواب نبيه بري بالاعلان عن اتفاق الاطار في توقيت يراه الاميركيون مناسبا…

 

وفي هذا السياق، لا يبدو ان الاميركيين في وارد التراجع عن «اندفاعتهم» على الساحة اللبنانية، وهذه الادارة تمتلك هامش 4 اشهر من الوقت للتحرك حتى لو خسر الرئيس الاميركي دونالد ترامب الانتخابات، هذا اذا وافق على الاقرار بالنتائج، وفي هذا الاطار، ثمة اوراق جديدة-قديمة ستوضع على «الطاولة» من جديد، وفي مقدمتها توسيع مهام «اليونيفيل»، ويتم الان التحضير اعلاميا، وسياسيا، عبر تسليط الضوء على «انفلات» الحدود الشرقية، وتهريب النفط الى سوريا، كمقدمة لوضع لبنان تحت «الامر الواقع» وتخييره بين الامتثال لقانون «قيصر» او تلقي المزيد من العقوبات التي ستطال هذه المرة الدولة، اما الحل «السحري» بحسب ما بدأ الاميركيون يروجون له لدى الدوائر اللبنانية، والدولية، فيكمن في توسيع انتشار هذه القوات الدولية على الحدود مع سوريا،وقد جرت عملية «جس نبض» غير مألوفة من خلال نشر قوة عسكرية من قوات الطوارئ الدولية في بيروت ومنطقة المرفأ، وبحسب اوساط دبلوماسية، تعد هذه «البروفة» من خارج اي تفويض رسمي من مجلس الامن، مقدمة للضغط مجددا الانتشار هذه القوات نحو الحدود الشرقية وتوسيع مهامها البحرية، في اطار مراقبة منع عمليات التهريب، ومحاصرة حزب الله، عمليا، وهي رغبة اميركية صريحة جرى الحديث عنها خلال مناقشة مجلس الأمن قرار التجديد لهذه القوات في شهر آب الماضي..

 

في الخلاصة، تقر مصادر مقربة من حزب الله بصعوبة المرحلة، لكنها تشير الى ان ثمة حدود للتنازلات لا يستطيع احد تجاوزها لا داخليا، ولا خارجيا، فالتراجع «تكتيكيا» شيء «والاستسلام» شيء آخر، فرحلة استرجاع الحقوق البحرية والبرية بدات الان، والاميركي يدرك ان المفاوض اللبناني لا يثق به، وثمة حفلة من «التكاذب» المفضوح بين الجانبين، وهو لم يأت الى التفاوض الى جانب الاسرائيليين لولا وجود توازن قوة لدى الطرف الاخر الذي لا يجلس على «الطاولة» ولكنه يحمي الحقوق اللبنانية بسلاحه، ولذلك لن تنفع كل «الهوبرات» الاعلامية والسياسية في تغيير الحقائق، والاسرائيليون يدركون ان لبنان غير ذاهب «للتطبيع»، او «السلام»، ولن يتهاون حزب الله في اي محاولة للاعتداء على السيادة اللبنانية، ولهذا سيحاولون «التشاطر» والضغط عبر الاميركيين، ولكن دون جدوى.. والى «الواهمين» اللبنانيين، من لديه شكوك حول قانون «الغاب» السائد عليه ان يسأل، الايزيديين في العراق، والارمن في ناغورني كرباخ، اما المقاومة فهي تعمل على زيادة تسلحها، كما ونوعا، ولم يعد الامر سرا ان ما بات لديها يتجاوز باشواط «الصواريخ الدقيقة» التي تقلق الاسرائيليين، «وما خفي اعظم»، اما بالنسبة الى توسيع مهام «اليونيفيل»، فلن يمر، ووجود هذه القوات في بيروت بطلب من الجيش، موضعي ومحدد، ولا يسمح بتسجيل سابقة لتعميمها في مناطق اخرى، ولهذا عليهم ان «يخيطوا بغير هذه المسًلة»..