IMLebanon

غضب الأهالي والأمن الممسوك!

“الأهالي” ستارة يختبئ خلفها حزب الله ليس منذ القرار 1701 في العام 2006، بل منذ المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق دوليّة لمعرفة من يقف وراء اغتيال الرّئيس الرّاحل رفيق الحريري، وغضب الأهالي هذا يظهر في أي مكان يريده حزب الله، وهو يظهر مرّة على هيئة الشباب أصحاب القمصان السّود، ومرّة على هيئة نساء وأولاد يرشقون القوى الأمنيّة بالحجارة في منطقة الرّمل العالي إذا جاءوا لقمع مخالفات البناء، ومرّة على صورة ميليشيا لهذه العشيرة أو تلك، ومرّات عديدة يظهر في قرى الجنوب المختلفة فتخرج النّساء لمحاصرة قوّات اليونيفيل ورشقها بالحجارة ويتّهمونها بالتصوير في قراهم، هذه المرّة ذهبت الأمور إلى ما لا تحمد عقباه فسقط قتيليْن من عديد الكتيبة الإيرلنديّة من قوات اليونيفيل المكلّفة مع الجيش اللبناني حفظ السّلام ومنع تواجد السّلاح تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الدولي الـ1701 لعام 2006، ولكن!!

دائماً يظهر مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا في الزمان والمكان المريبيْن، خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بالتّحقيق، بالأمس طالب “بترك المجال للأجهزة الأمنية للتحقيق بالحادث”، هذه المرّة “التّحقيق” مناسب لحزب الله، ولكن على طريقة التحقيق في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري. رفض حزب الله التّحقيق في ملف تفجير مرفأ بيروت وظهر وفيق صفا في وزارة العدل زائراً للمدّعي العام التمييزي، فيما كان حزبه يضغط بسلاحه وبـ”الأهالي” من بوّابة الشيّاح إلى عين الرّمانة موقداً ذاكرة الحرب الأهليّة، ثمّ يقولون لنا إنّ “الأمن ممسوك”، فإذا كان ممسوكاً وهذا هو الحال فكيف لو لم يكن ممسوكاً؟!

الأفظع بكثير من مطالبة الحاج وفيق صفا بترك الأمور للتّحقيق هو الرّواية التي ساقها ودائماً بالعودة إلى “الأهالي” وهو كلام شديد الخطورة ويجب أن يأخذه التّحقيق في الاعتبار.. تقول روايته أنّ “سيّارة واحدة تابعة للقوة الإيرلندية دخلت في طريق غير معهود العبور به من قبل اليونيفيل فيما السيّارة الثانية سلكت الاوتوستراد الدولي المعهود المرور به ولم يحصل معها أي إشكال”، هذا الكلام يستدعي أن نطلب تفسيراً ما إذا كان القتل مصير جنود قوات اليونيفيل في حال ضلّت سيّارة ما الطريق مثلاً وسلكت طريقاً غير الطّريق الدّوليّة عن طريق الخطأ؟! علينا أن نحصل على نتيجة تحقيق تقول بوضوح للبنانيّين القلقين بسبب هذا الحادث الخطير خصوصاً أنّها ليست المرّة الأولى التي تُستهدف فيها قوّات اليونيفيل بالاعتداءات، ولكنّها المرّة الأولى التي يجري فيها استهدافهم بالرّصاص قتلاً وجرحاً، وتداعيات ما حدث لن تلبث أن تطفو على سطح الوقت اللبناني الضّائع عبر الأوراق البيضاء في صندوق التّصويت لانتخاب رئيس للجمهوريّة، لن ينتخب أبداً في انتظار اتّضاح وضع إيران وملفّاتها في المنطقة فيما العالم مشغول باحتمالات ذهاب الوضع في أوكرانيا إلى مزيد من التّدهور عبر التّدخل الأميركي المباشر ببطاريات صواريخ الباتريوت.

في هكذا أجواء ما الذي قد يكشفه التّحقيق في هذه الحادثة؟! أسوأ ما قد ينتظر لبنان أن تبدأ الدّول في القلق على جنودها وسحبهم من قوّات حفظ السّلام في الجنوب حتى لا يبقوا عرضة للخطر بسبب أهالي حزب الله!