“اليونيفيل” ونصرالله… التجديد يغلب التهديد
تتوالى الاستحقاقات على لبنان، ففي وقت كان الهمّ الإقتصادي يشكّل أولويّة، قفز الملف الأمني إلى الواجهة بعد سقوط الطائرتين “المسيّرتين” في الضاحية الجنوبيّة، والقصف الإسرائيلي على مواقع “الجبهة الشعبية” في قوسايا.
لا شكّ أن لبنان دخل مرحلة جديدة من الترقّب بعد التطوّرات الأمنية الحاصلة والحديث عن تغيير قواعد الاشتباك بين تل أبيب والضاحية، في حين أن لبنان الرسمي غير قادر على القيام بأي خطوة للجم التوتّر لأن قرار الحرب والسلم ليس بيده بل بيد “حزب الله”، وكما قال الأمين العام لـ”الحزب” السيّد حسن نصرالله في خطاب الأحد، إن جلّ ما تستطيع الدولة القيام به هو إصدار بيانات الإستنكار والإدانة.
وفي السياق، فإن نصرالله تحدّث عن الردّ من لبنان وليس في مزارع شبعا غير الخاضعة للقرار 1701 الذي نصّ بعد انتهاء حرب تموز العام 2006 على نشر 15 ألف عنصر من “اليونيفيل” و15 ألف عنصر من الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني تحت الفصل السادس.
ويأتي هذا التصعيد بعد موافقة مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة التي عُقدت في بيت الدين على طلب وزارة الخارجية التجديد لـ”اليونيفيل” لمدة سنة ابتداءً من 1 أيلول المقبل.
ومعلوم، أنّ الدول المشارِكة في “اليونيفيل” كانت تطرح عدداً من الهواجس والإشكاليات، ومنها المشكلات التي كانت تواجهها قوات الطوارئ في بعض المناطق الجنوبيّة، كما أن هناك دولاً عدة كانت تنوي تخفيض موازناتها في “اليونيفيل”.
وعلى الرغم من كل تلك الملاحظات، فإن مجلس الوزراء كان يتوقّع أن يمرّ بند التجديد بسلاسة في الأمم المتحدة من دون أية عراقيل تُذكر، وهذا الأمر يحصل كل سنة عندما يحين موعد التجديد لها، وبالتالي فإن الإطمئنان كان يسيطر على الدولة اللبنانيّة.
لكنّ حديث نصرالله الأخير عن الردّ في لبنان وليس في مزارع شبعا قد يشكّل حافزاً لبعض الدول لتغيير نظرتها إلى المشاركة.
فالردّ في أي منطقة حدوديّة أخرى غير مزارع شبعا، يعني أنّ هذا الأمر يشكّل خرقاً للقرار 1701 والذي تحرص “اليونيفيل” والجيش اللبناني على احترام تنفيذه من الجانب اللبناني على رغم الخرق الإسرائيلي اليومي له.
وتُشكّل أية عملية لـ”حزب الله” من أية منطقة حدوديّة الخرق الأول للقرار من الجانب اللبناني منذ حرب تموز 2006، وهذا الأمر يُرتّب مضاعفات على الجانب اللبناني.
ولا يعلم أحد كيف سيكون الردّ الإسرائيلي وما هو حجمه في حال وقوع أي عملية من هذا النوع، خصوصاً أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لن يجلس ساكتاً وهو على أبواب الانتخابات الإسرائيليّة. لا سيما، وأنّ شيئاً لم يعد يشكّل رادعاً لإسرائيل في الوقت الراهن، فهي تضرب الحشد الشعبي في العراق، وتستهدف المواقع الإيرانية ومواقع “حزب الله” في سوريا، وبالتالي يتوقّع المحللون والمراقبون أن يكون حجم أية مواجهة كبيراً على الرغم من عدم ترجيح نشوب حرب شاملة بين الجيش الإسرائيلي و”حزب الله” في هذه المرحلة.
إلى ذلك، فإن الدول المشارِكة في قوات “اليونيفيل” يهمّها أمن جنودها وسلامتهم، لذلك فهي تراقب الوضع اللبناني – الإسرائيلي من الآن وحتى موعد التصويت على التجديد قبل نهاية أيلول لتبني على الشيء مقتضاه، علماً أن الحرب، إن اندلعت، لن ترحم أحداً، والكل يعلم أن “اليونيفيل” فقدت عدداً لا يُستهان به من جنودها خلال الحروب الجنوبية وكان آخرها حرب تموز.
لكن رغم كل تلك التغيّرات الحاصلة، فإن مصادر وزاريّة مطّلعة تؤكّد أن التجديد لـ”اليونيفيل” سيحصل حتماً من دون أي تغيير يُذكر، في حين أن بعض المطالبات بوضع مهامّها تحت الفصل السابع لن تفلح لأن هذا الأمر يحتاج إلى قرار دولي جديد من مجلس الأمن، وظروف هذا القرار غير مؤمّنة.
إذاً كل العوامل والمؤشرات، تفتح الطريق أمام التجديد لـ”اليونيفيل”، خصوصاً وأنّ الدول الغربية لا تزال مع حماية أمن لبنان واستقراره، وأي تغيير في سياستها في هذا الوقت قد يتسبّب بهزّات لا يريدها أحد.