يحل استحقاق التمديد لمهمة اليونيفل في جنوب لبنان نهاية الشهر الجاري. وبخلاف السجال الذي شهدته الدورة الماضية، يُتوقع أن يمر التمديد السابع عشر للقرار 1701 من دون جلبة. منسّق الحكومة السابق لدى اليونيفل العميد منير شحادة جزم لـ«الأخبار» بأن نص تمديد المهمة «لن يشهد تعديلاً، بل سيُعتمد النص الذي أُقر العام الماضي». شحادة الذي شارك في تمثيل لبنان في مفاوضات التمديد قبل عام، ربط هذه «السلاسة»، بـ«الخلاف المستفحل حالياً بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن على شؤون مختلفة، ما سيصعّب على الولايات المتحدة وفرنسا وغيرهما فرض الأجندات التي تريدها».وكان نص التمديد السادس عشر أعاد التأكيد على منح قوات اليونيفل حرية الحركة من دون مواكبة الجيش اللبناني، ولكن مع إبلاغ الحكومة اللبنانية. ويؤكد شحادة أن اليونيفل، ومن خلفها أميركا وإسرائيل، لم تتمكن من تطبيق بند حرية الحركة رغم الضغط الهائل على لبنان. واستحضر في هذا الإطار، إسقاط مقترح نصب كاميرات مراقبة دقيقة فوق مراكز اليونيفل على طول الخط الأزرق باتجاه الجانب اللبناني.
لكنّ حوادث عدة سُجلت خلال العدوان الإسرائيلي أثارت تساؤلات حول محاولات اليونيفل ومن خلفها، فرض تغييرات عملانية وكسب صلاحيات ميدانية بعيداً عن النصوص. وهي محاولات تصب في مصلحة إسرائيل التي لم تتوانَ عن استهداف مراكز اليونيفل منذ عام 1978 وصولاً إلى العدوان الحالي.
فقبل أسبوع، استهدفت مُسيّرة إسرائيلية مقاتلَين من حزب الله في الناقورة. وأكّد شهود عيان أن المُسيّرة لم تُلحظ أو يُسمع صوتها قبيل الاستهداف المفاجئ، ما وجّه الأنظار نحو الرادار الفرنسي المُستحدث الذي رُفع فوق قاعدة اليونيفل في جبل الناقورة، وما إذا كان يُستخدم في رصد تحركات المقاومين. وقبل نحو أسبوعين أيضاً، نصبت قيادة اليونيفل ما سُمي «الرادار البحري» الذي وُجّه نحو بلدات القطاع الغربي والساحل الجنوبي. ووفق مصادر متابعة، فإن نصب هذا الرادار المتطور جاء بتوصية من رئاسة أركان اليونيفل التي يتولاها دائماً ضباط فرنسيون. وكان رئيس الأركان الفرنسي السابق وجّه قبل انتهاء ولايته نهاية تموز الماضي، رسالة عتب إلى ضباطه «بسبب فشلهم في رصد أي مُسيّرة أو صاروخ دفاع جوي أو راجمة صواريخ» تطلقها المقاومة. فيما سُجّل عتب إسرائيلي على اليونيفل التي «لا تلعب الدور الكافي في تطبيق القرار 1701».
لفتت مصادر إلى نشاط كبير لمنظومات رادار جديدة لفرق أوروبية بحراً وبراً
الفشل الميداني الذي يعزوه ضباط اليونيفل إلى «تصدي أهالي البلدات لهم»، يحاولون التعويض عنه بمنظومة رادارات، إذ سبق رادار الناقورة نصب رادار مماثل في القاعدة الإسبانية في سهل بلاط. ووفق مصادر متابعة، فإن إسرائيل «طلبت من قائد اليونيفل الحالي الإسباني آرلودو لاثاروا نصب الرادار فور تعيينه قبل سنتين. لكنّ ضغوطاً محلية لبنانية أجّلت البت فيه، إلى أن أبدى قائد الجيش جوزف عون والحكومة موافقتهما عليه مع رفض وزير الدفاع موريس سليم». ويرصد الرادار الإسباني القطاع الشرقي حتى مزارع شبعا ومرتفعات كفرشوبا عند الجولان السوري المحتل. ويستكمل الراداران منظومة الرادارات الفرنسية المثبّتة منذ ما بعد عدوان تموز 2006 في مركزَي الوحدة الفرنسية في القطاع الأوسط (برج قلاويه ومحيط بنت جبيل). كما دخلت بحرية اليونيفل على خط الرصد خلال أشهر العدوان الأخير للتعويض عن تعطّل أجهزة التجسس الإسرائيلية بفعل ضربات المقاومة. وبحسب مصادر ميدانية، ترابض بارجة تابعة لألمانيا التي تتولى قيادة اليونيفل البحرية منذ عام 2001 قبالة ساحل الناقورة، «ولا أحد يعلم من يصعد إليها أو ينزل منها أو يستعين بها في الاستطلاع، ولا سيما في المنطقة الممتدة من صور إلى الناقورة، والتي شهدت عمليات اغتيال عدة».
الروايات كثيرة عن تعزيز منظومة التجسس والرصد لدى اليونيفل في الأشهر الأخيرة، علماً أن مهمات حفظ السلام تسمح للدولة المضيفة بالطلب منها وقف تعديل مهامها وفقاً للظروف. فهل توجب ظروف العدوان على اليونيفل تعزيز استخباراتها الميدانية ولصالح من؟.
في هذا السياق، لفت شحادة إلى أن بعض وحدات اليونيفل أدخلت عبر مطار بيروت الدولي قبل مدة وجيزة أجهزة رصد متطورة، ربطتها بـ«لزوم المهمة»، علماً أن كل المعدات الخاصة بقيادة اليونيفل أو الدول المساهمة تمر من دون تفتيش.