يفترض أن يصوّت مجلس الأمن غداً الأربعاء على قرار التمديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان بالصيغة ذاتها التي سبق وأقرها العام الماضي، أي تمديد مقرون بحرية الحركة لجنودها من دون التنسيق المسبق مع الحكومة اللبنانية (الجيش). وتقول المعلومات إنّ قراراً كهذا كتب بالحبر الأزرق تمهيداً لإقراره بالصيغة النهائية. ولم ينجح لبنان في ثني الدول الأعضاء عن إقرار التجديد، بتعديل نص القرار الذي سبق وأقرّ العام الماضي ومنح «اليونيفيل» حرية الحركة بعيداً عن التنسيق مع الجيش، والذي تسبب بتوتر بين الأهالي وقوات الطوارئ أكثر من مرة، وكانت النتيجة سقوط جندي من هذه القوات.
ولم تنجح المفاوضات التي أجرتها الخارجية اللبنانية قبيل زيارة الوفد وبعده في إقناع الدول بتعديل هذا القرار لضمان الهدوء والإستقرار وتجنّب الإحتكاك بين الأهالي وجنود الطوارئ ما لم تواكب دورياتها وتحركاتها دوريات الجيش اللبناني. حاول لبنان إقناع الدول بتعديل الصيغة الحالية والعودة إلى بند ينظم عمل «اليونيفيل» ويضمن سلامة جنودها، بدل رفض تنسيق عملها مع الحكومة اللبنانية، وهي مسألة تمس بسيادة لبنان على أراضيه. ومسألة أخرى لم ينجح لبنان في التصدي لها تتعلق بالشق اللبناني من قرية الغجر التي رفضت الدول إعتبارها محتلة تلبية لطلب لبنان.
تنقل مصادر مطلعة على نقاشات الدول الأعضاء وجود عدم وضوح وإرباك في الموقف اللبناني إنعكس على التعامل الدولي مع قرار التمديد لـ»اليونيفيل»، وكانت المفاجأة تهديد الوفد اللبناني بسحب «اليونيفيل» من الجنوب اذا لم يعدّل نص التمديد لها، والذي طرحه وفد لبنان بطريقة ملتبسة، قبل أن يأتي القرار من رئاسة الحكومة في لبنان بالإصرار على الطلب وطرحه للنقاش في حال اعتمد نص التمديد بصيغته الماضية. ونتيجة اللغط الذي ساد وتباعد المواقف بين لبنان والدول الأعضاء في مجلس الأمن، عقد مساء أمس اجتماع جديد بين وفد لبنان وسفراء الدول المعنية غايته تحديد موقف لبنان النهائي من مسألتي التمديد لـ»اليونيفيل» والغجر ومناقشة ملاحظات لبنان قبل صدور القرار النهائي. وغمزت المصادر من قناة الإرباك الذي لمسه سفراء الدول المعتمدون قبل أن يعود ويحسم بعد التنسيق بين لبنان ونيويورك.
وآثرت مصادر لبنانية التكتم على نتيجة المباحثات النهائية التي أجراها الوفد اللبناني مع ممثلي الدول من دون أن تخفي تشاؤمها بالنتيجة. وقالت «مجرد اقرار النص الذي يمنح «اليونيفيل» حرية التحرك بعيداً عن التنسيق مع الحكومة اللبنانية يعني أنّ التمديد لهذه القوات سيكون تحت الفصل السابع المقنّع»، موضحة الفرق بين الفصلين السادس والسابع، بالقول «إنّ اقرار التمديد مع الإبقاء على البند المتعلق بالتنسيق مع الجيش يعني الفصل السادس، أمّا إعطاء «اليونيفيل» حرية الحركة من دون التنسيق مع الحكومة اللبنانية، أي مع الجيش، فيعني حكماً أنّ التمديد خضع للفصل السابع المقنّع، وهو الذي وافقت عليه الدول الأعضاء وأقره مجلس الأمن بالإجماع العام الماضي ولم ينجح لبنان بثني الدول عن اعتماده هذا العام، وقد اصطدم طلبه بمعارضة شديدة من الدول الدائمة العضوية».
المعلومات الأولية تحدثت عن «أجواء سلبية للغاية»، أودعت الدول الأعضاء الموفد الفرنسي نتيجة قرارها ليصدر في سياق البيان الختامي للتمديد والذي بات واضحاً انه سيسمح للطوارئ بحرية الحركة بعيداً عن التنسيق مع الجيش. البند الذي لم يستطع لبنان مواكبته للحؤول دون اقراره العام الماضي، فشل في تعديله هذا العام.
وإذا كان العام الماضي حاول تطويق مفاعيله على أرض الواقع في الجنوب فبقيت «اليونيفيل» على تنسيق مع الجيش في تحركاتها، خاصة بعد المواجهة الخطيرة التي حصلت مع الأهالي في إحدى القرى الجنوبية، فإنّ اعتراض لبنان على هذه الصيغة لا يلغي وجودها واللجوء إلى استخدامها متى أراد المجتمع الدولي الضغط على لبنان من باب قوات الطوارئ. تقول مصادر الوفد اللبناني «إنّ ذهاب لبنان إلى نيويورك ليس بهدف التحدي لإرادة المجتمع الدولي، وانما لتحقيق عاملين مهمين، هما: الحفاظ على الهدوء، وضمان استقرار الأوضاع على الحدود الجنوبية، ولا سيما بعد بدء عملية التنقيب عن ثروة لبنان النفطية في مياهه الإقليمية».
لكن لبنان في نية والمجتمع الدولي في نية مختلفة، في نيويورك لمس لبنان مجدداً تكتل المجتمع الدولي في مواجهة الواقع السائد في جنوب لبنان ومحاولة تطويق عمل «حزب الله»، وحسب معلومات موثقة فإنّ تدخلات جرت على خط بيروت نيويورك خاضها الفرنسيون مع أطراف لبنانية لمحاولة تطويق مفاعيل صدور أي قرار من شأنه توتير الأجواء سياسياً وامكانية انعكاس ذلك على أمن الحدود الجنوبية.