IMLebanon

من قال إن انسحاب «اليونيفل» يضرّنا!

 

تتشابك التطورات بين لبنان وسوريا وفلسطين بما يعكس حقيقة واحدة، وهي ارتفاع منسوب الضغوط الأميركية على قوى ودول محور المقاومة. وكما هي العادة، فإن الأميركيين، بطلب أو من دون طلب إسرائيلي، يعملون بدعم من حلفائهما في المنطقة، على رفع سقف الضغوط لتحقيق إنجازات تغطي الأزمة التي تواجههم في أكثر من منطقة.

 

في سوريا، تشير المعلومات إلى قرار أميركي بتشديد العقوبات والحصار في الفترة المقبلة، وإبلاغ كل الدول العربية بوقف كل أشكال الدعم السياسي وغير السياسي، وإقفال الباب أمام أي نوع من المساعدات التي دخلت بحدود ضيقة بعد الزلزال الذي ضرب سوريا مطلع هذه السنة. ويترافق ذلك، مع تعزيز العمل الأمني والعسكري على طول الحدود السورية مع الأردن والعراق وتركيا أيضاً، والدفع عبر جهود مرئية إلى توسيع التنسيق بين الجماعات الكردية الانفصالية ومجموعات معارضة في منطقة السويداء جنوب سوريا، لدفع أبناء المحافظة إلى مغامرة انتحارية تستهدف إقامة حكم ذاتي على غرار ما يقوم به الأكراد شرقي الفرات، مع وعد أميركي بتأمين الدعم لهم من قبل دول حليفة، إضافة إلى توفير الدعم المالي لإنعاش هذه المنطقة.

 

في الوقت نفسه، تحاول الولايات المتحدة اختبار قدرة الجماعات المسلّحة الحليفة لها في المنطقة الشرقية من سوريا على توسيع نفوذها، والقيام بحملات عسكرية تستهدف إقفال الحدود مع العراق، مع إطلاق العنان لمجموعات «داعش» لتنفيذ مزيد من الأعمال الوحشية في البادية السورية وعلى الحدود مع العراق وصولاً إلى الغرب العراقي. ونُقل عن قائد إسلامي في قوى المقاومة استغرابه كيف أن تنظيم «داعش» الذي تعلن أميركا وتركيا تنفيذ عمليات الاغتيال لقادته، لا يبادر إلى أي عملية انتقامية ضد القوات الأميركية أو التركية، بينما يصرّ على توجيه ضربات إلى الجيش السوري، وإلى المدنيين في مناطق النظام.

أما في لبنان، فالأمر يتعلق بشقّين، لكن بهدف واحد. فمن جهة، هناك محاولة لفرض أمر واقع في جنوب لبنان من خلال مشروع التجديد لولاية القوات الدولية. ومن جهة ثانية، يسعى الغربيون إلى خلق مناخات للضغط على الوجود الفلسطيني في لبنان، والغاية من المهمّتين، هي الضغط لتحقيق مصالح إسرائيل التي تعتبر أن لبنان بات مقر قيادة العمل الفلسطيني الذي يقود العمل الفدائي في الضفة الغربية، وكذلك حديث إسرائيل وجهات غربية عن تعاظم الوجود المسلّح لقوة المقاومة الفلسطينية في لبنان، وتراجع نفوذ القوى الحليفة لسلطة رام الله.

 

وفي هذا المجال، كان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حاسماً أمس في كلامه حول احتمال لجوء العدو إلى تنفيذ تهديدات باغتيال قيادات فلسطينية في لبنان، على رأسها مسؤول حركة حماس في الضفة الغربية الشيخ صالح العاروري. وقال نصرالله إن المقاومة الإسلامية ستردّ بقوة وبشكل مؤكّد على أي عمل من هذا النوع، ما يفتح الباب أمام تدحرج الأمر صوب حرب واسعة.

وكانت لافتة المساعي الأميركية والبريطانية في لبنان لدفع قوى لبنانية إلى رفع الصوت اعتراضاً على وجود قيادات فلسطينية في لبنان، والسعي لتحويلها إلى قضية رأي عام محلي تصبّ في السياق نفسه المستهدف لسلاح المقاومة، رغم أن المقاومة في لبنان لن تقف عند أي حملة من هذا النوع. لكن جرى لفت انتباه قوى لبنانية، سياسية ورسمية، مدنية وعسكرية، إلى أن على عاتقها مسؤولية أكيدة لرفض تحويل لبنان إلى ساحة تصفية حسابات لمصلحة إسرائيل أو الولايات المتحدة.

أما في ما خصّ المشاورات القائمة بشأن جلسة التجديد لقوات اليونيفل في نهاية الشهر، فإن ما جرى خلال اليومين الماضيين من مداولات واجتماعات في نيويورك، كشف عن معركة قاسية تجري هناك. ويمارس الأميركيون والبريطانيون ومعهما سويسرا وفرنسا ضغوطاً كبيرة على لبنان لسحب مطالبه بإلزام القوات الدولية بالتنسيق مع الجيش اللبناني في أي عمل ميداني. حتى إن لبنان وصل إلى حدّ التلويح بسحب رسالته التي يطلب فيها التجديد للقوات الدولية.

 

وفي حال لم تصل مفاوضات الساعات الـ24 المقبلة إلى نتيجة ترضي لبنان، فإن ملف القوات الدولية في الجنوب سيُطرح بطريقة مختلفة تماماً عن السابق. حتى إن ممثّلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن تلقّوا رسائل واضحة بأن لبنان الرسمي والشعبي لن يتجاوب مع أي قرار يمنح القوات الدولية حرية حركة دون التنسيق مع الجيش، وأنه في حال أراد الغرب التهديد بسحب القوات الدولية في لبنان، فإن الجواب سيكون سهلاً ومباشراً وواضحاً: فلترحلْ بلا رجعة!