لا يزال لبنان ينتظر تسلّم مسودة قرار التمديد لقوّات حفظ السلام الدولية العاملة في جنوب لبنان “اليونيفيل”، التي تُحضّرها فرنسا بصفتها حاملة القلم. ويُفترض أن تتسلّمها وزارة الخارجية والمغتربين أوائل شهر آب المقبل، أي خلال أيّام. وتجهد الديبلوماسية اللبنانية مع الدول الفاعلة لتسويق مطلب لبنان القائم على التمديد لولاية “اليونيفيل” لسنة إضافية تنتهي في 31 آب 2025، من دون أي تعديلات. ويجري في هذه الأثناء الحديث عن أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يدرس إمكان تعزيز عديد كتيبة بلاده المشارِكة في “اليونيفيل”، سيما أنّ الهدف من ذلك هو “ضمان الأمن والاستقرار الدوليين على الحدود الجنوبية”.
أوساط ديبلوماسية متابعة تحدّثت عن أنّ اهتمام فرنسا بوجود قوّات “اليونيفيل” في جنوب لبنان، والتمديد لها بشكل سنوياً منذ صدور القرار 1701 في 11 آب 2006، وحتى يومنا هذا، ليس جديداً، بل يعود الى إنشاء هذه القوة الدولية في العام 1978 لتأكيد انسحاب القوّات “الإسرائيلية” من جنوب لبنان، وإعادة الأمن والسلم الدوليين ومساعدة الحكومة على بسط سلطتها في المنطقة. وغالباً ما كانت الكتيبة الفرنسية من بين الدول الأكثر مشاركة في “اليونيفيل” بالنسبة الى عدد جنودها، غير أنّ عديدها تضاءل قليلاً خلال السنوات الأخيرة ليُصبح 667 جندياً فقط. الأمر الذي جعل الرئيس ماكرون يفكّر بزيادة عديد كتيبة بلاده ليصل الى ألف جندي.
فحتى 1 تمّوز الجاري بلغ عدد الدول التي تتألّف منها “اليونيفيل”، على ما أضافت، 49 دولة تشارك بما مجموعه 10.031 جندياً لحفظ السلام، وهو عدد كافٍ. غير أنّ فرنسا تريد زيادة عدد جنود كتيبتها بهدف تعزيز قوّتها ودورها في القوّات الدولية، لا سيما في ظلّ احتمال شنّ “إسرائيل” توغّلاً بريّاً على لبنان، إذ يصبح من الصعب على “الإسرائيليين” التحرّك في حال كانت القوّة الدولية معزّزة، من دون أي تغيير في مهامها، كونها مهمة متينة. وأن تزيد فرنسا عدد جنودها نحو 300 عنصر لا يؤدّي الى تعزيز “اليونيفيل”، ولكن قد يحصل هذا الأمر في حال حذت الدول الأخرى المشاركة في “اليونيفيل” حذوها لاحقاً، وزادت عدد جنودها… مع العلم بأنّ القرار 1701 ينصّ على إمكان وصول عديد القوّة الدولية الى 15 ألف جندي، سيما أنّها تقوم بشكل يومي بنحو 450 دورية ضمن نطاق مهامها في المنطقة الجنوبية. وتتحدّث فرنسا بالتالي عن أنّها تودّ “استمرار ضمان أمن اللبنانيين” على الحدود في مواجهة خطر تصعيد الحرب في منطقة الشرق الأوسط.
وتقول الأوساط نفسها انّ مساعي الديبلوماسية اللبنانية، أفضت حتى الآن الى “شبه اتفاق دولي” على أنّ قرار التمديد لليونيفيل، سيحصل بالشروط ذاتها ومن دون أي تعديل، على ما يطالب لبنان. غير أنّ جهود الديبلوماسية اللبنانية ستتواصل قبل انعقاد جلسة التمديد في أواخر آب المقبل، لكي يضمن لبنان حصول التمديد من دون أي مشاكل. فالجميع يعلم بأنّ “إسرائيل” لا تكلّ ولا تملّ في محاولاتها من أجل الاستفادة من قرار التمديد لكي تُقنع الدول الحليفة لها في مجلس الأمن بإدخال تعديلات عليه، تتعلّق بتوسيع مهام “اليونيفيل”، لمنحها صلاحيات الدخول الى أماكن تابعة لـ “حزب الله”. غير أنّه ليس من رسائل دولية حتى الآن، تتعلّق بأي تغييرات محتملة في ولاية “اليونيفيل”.
ولهذا استبعدت حصول أي تعديلات في مهام القوّة الدولية، في ظلّ ما تواجهه حكومة العدو حالياً من تحديات داخلية، فضلاً عن التحديات الخارجية. فهي من جهة لا تدري كيف تتصرّف أمام تغيّر مزاج شعوب الدول الكبرى التي تنادي بـ “تحرير فلسطين” بدلاً من دعم سياسة نتنياهو، ومن جهة أخرى تحاكَم أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي بجرائم الإبادة ضد الشعب الفلسطيني. فضلاً عن الرأي الاستشاري الذي صدر عن محكمة لاهاي أخيراً والذي دان سياسة الاستيطان “الإسرائيلية”، مشيراً الى أنّها “تنتهك القانون الدولي”.
أمّا غالبية الدول المشارِكة في قوّات “اليونيفيل”، وفق الاوساط عينها، فتدعم بقاء مهام “اليونيفيل” في جنوب لبنان على حالها، خصوصاً خلال المواجهات العسكرية الدائرة اليوم بين “حزب الله” و “إسرائيل” عند الجبهة الجنوبية. ولهذا تجد أنّ وجود القوّة الدولية ضروري جدّاً في المنطقة الجنوبية في المرحلة الراهنة. ولكن يهمّها بالتالي عدم تصعيد الحرب أكثر من أجل ضمان سلامة جنودها، ولهذا تدعو الطرفين الى عدم توسيع الحرب. وتؤكّد ايضاً على ضرورة احترام القرار 1701 منهما وتنفيذ بنوده بشكل كامل، وهي تنقل مواقفها هذه الى المعنيين عبر مندوبيها الذين يزورون لبنان والمنطقة.
وأشارت الأوساط الديبلوماسية لى أنّ القرار سيؤكّد على ضرورة وقف إطلاق النار في غزّة، وفي جنوب لبنان، بهدف إعادة الأمن والسلم الدوليين الى المنطقة، والحفاظ عليهما خلال الفترة المقبلة، الى حين حصول حلّ شامل لوقف إطلاق النار. على أن تعمل الدول المشاركة في “اليونيفيل” على ضمان عدم انزلاق الأمور أكثر، لا سيما مع تعثّر التوصّل الى إنهاء الحرب في غزّة، ووقف المواجهات العسكرية عند الجبهة الجنوبية حتى الساعة.