IMLebanon

الإنتخابات النقابية “بروفا” للنيابية… “حزب الله” يحاول كسر الخصم لتعويم الحليف

 

مشروع “الحزب” الإنتخابي الهجوم على “القوّات”

 

 

جرياً على العادة، تتحالف أحزاب السلطة من موالاة ومعارضة في الانتخابات النقابية قبل النيابية، من أجل تثبيت مراكزها داخل النّقابات. وغالباً ما تشكّل الانتخابات النقابية “بروفا” للنيابية بحيث تُظهِر نتائجُها حيثيَّةَ كلّ حزب من جهة، والتحالفات من جهة أخرى.

 

لكن هذه المرة، تميّزت الانتخابات النقابية بطابع مختلف لأن بعض الأحزاب سعى لعدم خوض الانتخابات بواسطة مرشحين حزبيّين، خوفاً من الهزيمة.

 

على سبيل المثال لا الحصر، جرت إنتخابات نقابة الصيادلة في لبنان وفق 4 لوائح، في منافسةٍ سميّت بالشرسة. اللائحة الأولى، لائحة “الضمير المهنيّ” المدعومة من الثنائي الشيعي أمل و”حزب الله” وتيار المستقبل والحزب السوري القومي الاجتماعي، يرأسها النقيب السابق زياد نصّور، والثانية، “الصيادلة ينتفضون” المدعومة من التيار الوطني الحر ويرأسها فرج سعادة، والثالثة، لائحة “نحو نقابة مستقلّة” المدعومة من بعض الأحزاب والمستقلين ويرأسها ناجي جرمانوس، و”نقابتي سندي” يرأسها جو سلوم الذي علّق عضويته بحزب الكتائب.

 

مصادر نقابية استهجنت التحالفات في نقابة الصيادلة خصوصاً القومي السوري والمستقبل والثنائي الشيعي، معتبرةً أن هذا التحالف لم يكن ليخدمَ النقابة بل ليخدم الأحزاب، وقالت إنَّ ” رياح إنتخابات نقابة الصيادلة في لبنان جرت بعكس ما تشتهي سفن “حزب الله”. وأردفت في حديثٍ إلى “نداء الوطن” أنّ “حزب الله” حاول خوض غمار الانتخابات في الصيادلة من خلال لائحةٍ، تحالفَ فيها مع المستقبل وأمل والقومي السوري “في الظاهر”، إلَّا أنَّه كان داعماً لفرج سعادة الذي يرأس لائحة “الصيادلة ينتفضون” في الباطن، وذلك في الدورة الأولى.

 

تصويب الحزب على القوات

 

 

عندما شعر الحزب انه سيذوق طعمَ الخسارة في النقابة بلائحته، صبّ جام غضبه على القوات اللبنانية وعلى مسؤولة القوات في النقابة الدكتورة هيلين شماس، وبدأ بفبركة الأخبار والملفات وتركيب الفيديوات لها وللقوات، محاولاً بذلك شدّ العصب الشيعيّ داخل النقابة، وحتى وصل به الأمر إلى التعرض “بالشخصي” لشماس، وهذا نموذج “محدَّث” ممّا حصل آنفاً في انتخابات نقابة أطباء الأسنان، عندما عمد الحزب إلى تحطيم الصناديق وافتعال المشاكل بسبب عدم قدرته على تحمل مزيدٍ من الخسارة.

 

وتتابع المصادر “أنّ اللعب على الوتر الطائفيّ حتى داخل النقابات لم ينفع “حزب الله” في الدورة الأولى، فراح يدعم في العلن فرج سعادة ولائحة “الصيادلة ينتفضون” في الدورة الثانية، داعياً إلى تكثيف التصويت لسعادة بهدف كسر القوات التي لم تَكُن قد سمَّتْ بعد أيَّ مرشحٍ لها لمنصب النقيب، ولم تَذكر حتَّى مَن ستدعم لهذا المنصب، تاركةً حريةَ الخيار لمناصريها”. وتعتبر المصادر أنَّ ما حصل في نقابة المهندسين لم يكن ليتكررَ في “الصيادلة”، ذلك أنَّ المشهد الانتخابي أصبح مختلفاً من حيث الأسماء والتحالفات.

 

وتشير المصادر إِلى أنَّ “حزب الله” وفي ظلِّ محاولاته فرض الهيمنة الكاملة على كلّ مفاصل الدولة ومؤسساتها وقراراتها، يحاول بسط سلطتِه على النقابات والإمساك بقراراتها من خلال فائض القوة الذي يستعمله داخلياً. ورغم تصويبه السهامَ على القوات اللبنانية من أجل “شدّ العصب الشيعي” داخل النقابة وتكثيف التصويت لمرشحه “الباطني”، فشل الحزب وفازت لائحةُ “نقابتي سندي” برئاسة جو سلّوم و10 أعضاء، مع الإشارة إلى أنَّ الانتماء الحزبيّ الكتائبيّ للمرشّح جو سلّوم، شكّل حملاً ثقيلاً عليه على أبواب الاِستحقاق النقابي، ما دفعه إلى تعليق عضويته ونشاطه في حزب الكتائب.

 

في الموازاة، انفردتِ القواتُ اللبنانيَّة في ترشيحِ حزبيّ منفردٍ في الدورة الأولى، وتركت حريَّة الخيار لمناصريها، وكانت “بيضة القبان” في الإنتخابات، بحسب الأرقام التي بينّت انتخابها لائحةَ سلوم، الأمر الذي قلب الموازين وساهم بفوزه.

 

ما قبل أحداث الطيونة ليس كما بعدها

 

في المشهد السياسيّ العام، ما حصل في منطقة الطيونة من اشتباكات وسقوط قتلى وجرحى، فاقم ضعفَ الحزب داخلياً. ونظراً لأنَّ القوات اللبنانية تقف وحدَها سداً منيعاً بوجه هيمنة “حزب الله”، خصَّصَ الأمين العام لـ”حزب الله” حلقةً كاملة عن رئيس القوات، ما انعكسَ “إيجاباً” في انتخابات النقابات، وسيُتَرجَم نجاحاً في النيابية.

 

فـ”حزب الله” الذي يعي مسبقاً تراجع غطائه المسيحيّ المتمثّل بالتيار الوطني الحر، وبالتالي خسارته الأكثرية النيابية، يتّبع سياسة كسر الخصم لتعويم الحليف، أي انه يحاول كسر القوات في الإنتخابات النقابية، وتحضير الأرضية لكسرها في النيابية من أجل إبقاء “الوطنيّ الحرّ” الأقوى مسيحياً، الأمر المستبعد جداً في إنتخابات 2022 إن حصلت”.

 

ومن هنا، يلعب “حزب الله” بالأوراق الانتخابية “عالمكشوف”، محاولاً الغمز من قناة تحطيم القوات اللبنانية من جهة، وإبراز التيار الوطني الحر وتعويمه من جهة أخرى عبر إعطائه نواباً “شيعة” داخل تكتله للحفاظ على “فائض القوة” وبالتالي التمسك أكثر فأكثر بمفاصل الدولة وقراراتها.

 

ولكن هل يضيّع اللبنانيون فرصة التغيير في الانتخابات النيابية، وهل يسمحون للسلطة بتطييرها؟ فالتغيير يكون بالصناديق… وبالإقتراع لمن يمثّل المشروع الأقرب لوجه لبنان!