تسدل الستارة اليوم على آخر جولة من «منازلة» جونيه البلدية. فرئاسة اتحاد بلديات كسروان الفتوح ستضع، مبدئياً، حبة الكرز على قالب «الانتصار العوني» في عاصمة القضاء. لكن ما يسمّيه «التيار الوطني الحر» انتصاراً لا يزال بنظر خصومه «شهادة رسمية» من أهل جونيه بأن البلدة أعطت أصواتها مناصفة بين «التيار البرتقالي» والتكتل الذي وقف بوجهه.
المرشّحان لرئاسة الاتحاد هما جوان حبيش رئيس بلدية جونيه وإيلي بعينو رئيس بلدية زوق مكايل. كان يمكن للمواجهة أن تأخذ طابعاً توافقياً لو نجح مسعى الوسطاء، وبينهم نائب «تكتل التغيير والاصلاح» فريد الياس الخازن، في تقريب المسافات قبل الانتخابات البلدية بين العماد ميشال عون ورئيس بلدية زوق مكايل السابق نهاد نوفل الذي كان يتحضّر لمغادرة حلبة «النفوذ والسلطة» بعد قضائه أربعين عاما في رئاسة الاتحاد. لكن اللقاء بين نوفل وبعينو من جهة وعون من جهة أخرى، الذي اتّسم بالايجابية إلى حدّ التأكيد على دعم «التيار» لبعينو لرئاسة بلدية زوق مكايل، ترجم لاحقا بمشهدين اثنين: أدّت المصالحة بين الطرفين إلى انقسام «التيار الوطني الحر» في انتخابات بلدية زوق مكايل بين جزء داعم لمرشح نوفل ايلي بعينو (هيئة «التيار» المحلية) وجزء آخر داعم لوفيق طراد المقرّب بدوره من الرابية. الخيار المعلن آنذاك لميشال عون كان في ترك الحرية للناخبين.
أما المشهد الثاني، فجاء عقب فوز بعينو في البلدية والذي شكّل ممرا للمواجهة بينه وبين جوان حبيش، مرشح ميشال عون، على رئاسة اتحاد بلديات كسروان الفتوح.
المفارقة الاكبر أن «التيار» يعتبر بعينو، من الوجوه البلدية النظيفة و «الآدامية»، ولذلك فالمعركة ليست معركة أشخاص بل مواجهة بين محورين و «سياستين» وعقليتين..
عملياً، يقف «التيار» مجدّدا، في تكرار لموقعة جونية البلدية، أمام «تريو» منصور البون وفريد هيكل الخازن ونعمة إفرام الداعم لبعينو. أما موقف حزب «القوات» فلا يزال ملتبساً مع العلم أن لا ثقل انتخابيا له يعوّل عليه حين تحضر لغة البوانتاج، لكن مبدئياً «حيث يكون نعمة افرام تكون «القوات»، فيما يعاير العونيون سمير جعجع «بالوقوف علنا الى جانب ممثلي الاقطاع» في هذه المعركة وبالعلاقة «السرّية» التي تجمعه بنوفل من تحت الطاولة. اللاعب الخفي والاهمّ هو نهاد نوفل نفسه الذي يسخّر كل طاقاته ومسار نفوذه في البلدية ورئاسة الاتحاد لصالح نائبه السابق ايلي بعينو.
بخلاف التسليم العوني بربح المعركة لا أحد من الافرقاء الآخرين يدّعي الفوز مسبقا. بعينو يعتبر نفسه «مرشحا طبيعيا» على اعتبار ان مقرّ الاتحاد هو في زوق مكايل وتدار شؤونه من مكتب رئيس البلدية تحديدا، وهو واقع فرض نفسه خلال السنوات الماضية بسبب جمع نوفل بين المنصبين على مدى نحو نصف قرن.
ويشير بعينو إلى أن «هناك نحو 35 رئيس بلدية هم بمثابة اصدقاء لي تسنّى لي بناء علاقات مباشرة معهم بسبب عملي البلدي وكوني مالك شركة مواد بناء». ويلفت إلى أنه «على مسافة واحدة من كل القوى السياسية كوني رجلا اقتصاديا بالدرجة الاولى ولأن رئاسة الاتحاد هي مسألة إنماء وليس سياسة»، معترفا بأن هناك «علاقة ممتازة» تجمعه بجوان حبيش، و «هذا أحد أسباب قوتي لأن لا خصومة لي مع أحد».
تجزم أوساط «التيار البرتقالي»، بالمقابل، ان الانتصار سيكون حليفه. تذهب الى حدّ التلويح بأن إيلي غانم رئيس البلدية في جورة بدران، مسقط رأس منصور البون، هو قريب من «التيار».
وتلفت الاوساط إلى أن البون «يمون في أقصى الاحوال على ثلاث بلديات، وفريد هيكل الخازن على العدد نفسه، أما نعمة افرام فقد يلجأ إلى ماله «البلدي» لأن لا حيثية له في بلديات قرى القضاء، ونهاد نوفل قد يكون الأكثر تأثيرا بين هؤلاء بحكم شبكة علاقاته القوية مع العديد من المفاتيح البلدية خصوصا داريا وزوق مكايل وشننعير وكفرتي.. أما بالنسبة لـ «التيار»، فإن رئيسي بلديتي زعيترة وجديدة غزير هما من المنتسبين، فيما يصل عدد رؤساء البلديات من المناصرين والمؤيدين إلى نحو 15، في مقابل 15 بلدية يصفها «البرتقاليون» بالبلديات العصية الخارجة تماما من تحت عباءتهم».
يُذكر أنه من أصل 54 بلدية تؤلّف الاتحاد هناك 32 رئيس بلدية من «الجيل الجديد» في مقابل 22 من الطاقم القديم. ويتصرّف «التيار» على اساس أنه «يحارب خيال نهاد نوفل في رئاسة الاتحاد»، لأن الاخير برأيه سيبقى «شغّالا» خلف الكواليس ويحسم في الشاردة والواردة، فيما بعينو ليس سوى مجرّد واجهة، أضف إلى اعتقاده أن رئاسة الاتحاد يجب أن تكون أصلا بيد العاصمة أي جونيه. المقرّبون من بعينو ينفون هذه التهمة مؤكّدين «أنه صاحب حيثية كبيرة تؤهله لأن يدير الاتحاد بمخزون من الخبرة والكفاءة».
أما نوفل، فلا يقف على الحياد في المعركة، كما سبق وأعلن. والعودة الى أرشيف علاقته مع ميشال عون يوحي بمدّ وجزر في العلاقة طغت عليها السلبية بشكل كبير.
«تلميذ» النائب والوزير السابق فؤاد نفاع في مكتب المحاماة، ثم ناقل البارودة ليصبح الرجل المقرّب من فارس بويز بالرغم من الصراع السياسي والبلدي والانمائي (تاريخيا) بين العائلتين، ثم محامي جورج افرام، ثم صديق نعمة افرام ومنصور البون في كل «البيزنس» البلدي، والاهمّ صاحب السلطة والنفوذ على غالبية قرى القضاء يخوضها معركة الى جانب الثلاثي البون ـ هيكل ـ افرام، بوجه مرشّح ميشال عون، تماما كما خاض معركة البلديات ضدّه عام 2010 متّكئا على المحور نفسه إضافة الى الرئيس سليمان.