كل دقيقة مهمة في هذه المرحلة التاريخية، فنحن في مواجهة تطورات خطرة بل يمكن القول إنها استثنائية… فالمستجدات العسكرية في المنطقة بالغة الأهمية، والخطر الأكبر يكمن في إمكان انعكاسها على لبنان… وهنا يكمن دور القيادات في المسؤولية الرسمية وخارجها لمنع حصول هكذا ارتدادات…
ومعلوم أنّ إسرائيل لم ولن تترك لبنان يرتاح، وهي التي لها عملاؤها وخلاياها وجواسيسها في الداخل، كما كشفت الأجهزة الأمنية في مناسبات عديدة.
وثمة خطر إضافي متمثل بموقف إسرائيل من حقنا في النفط والغاز في مياهنا الاقتصادية… وأيضاً ما تسعى إليه من إقامة الجدار الحدودي الذي هو بمثابة مسمار جحا، خصوصاً إذا لامس النقط الثلاث عشرة المتحفظ لبنان عنها في الخط الأزرق.
ثم إنّ أسباب الحروب، عموماً، إقتصادية… واليوم بات هذا السبب متوافراً بسبب الصراع الدائر على بحيرة النفط الهائلة في هذه المنطقة من البحر الأبيض المتوسط والكائنة على عمق سحيق تحت قعر البحر.
ازاء هذا الوضع المحفوف بالخطر ننظر بكثير من الإيجابية الى الاجتماعات التي عقدت في القصر الجمهوري وتكررت في الأيام الأخيرة، لما يترتب عليها من جدوى لجهة تعزيز الوحدة الوطنية ودعم الوفاق، خصوصاً مبادرة الرئيس بري الى حضور قداس مار مارون تأكيداً على وحدة الموقف اللبناني… ولم يكن حضوره بالأمر البسيط في الظروف الموضوعية التي كانت سائدة… وهي معروفة ولا نرى ضرورة لتوضيحها هنا.
كما أنّ ذهاب الرئيس الحريري أمس الى عين التينة وكسر جدار الجليد والجفاء أيضاً الذي كان قائماً بينه وبين الرئيس نبيه بري يصب في الموقف ذاته، ويدعم وحدة الموقف اللبناني التي عمرها ما كانت ضرورة كما هي اليوم.
هذه رسائل الى العالم وبالذات الى واشنطن التي يزورنا وزير خارجيتها تيلرسون يوم بعد غد الخميس والذي لا بدّ من أن يستمع في لبنان الى كلام واحد يعبّر عن موقف واحد وبالذات عشية المؤتمرات الدولية الداعمة للبنان، وأولها مؤتمر روما المخصّص لدعم الجيش وقوى الأمن الداخلي.
وليكن واضحاً اننا لا نقبل بالتورّط في حرب مع إسرائيل نعطيها أي مبرّر لا على صعيد الجدار الذي قلنا إنه بمثابة مسمار جحا… وليكن الموقف ما قاله فخامة الرئيس العماد ميشال عون: فليقيموا جداراً في أراضي فلسطين المحتلة ولكن ليس في أراضينا.
وبالنسبة الى موضوع الغاز والنفط لن نكون مرتاحين على الإطلاق من قِبَل إسرائيل لا اليوم ولا غداً ولا في المستقبل… لذلك يجب بذل المزيد من الحذر، والمزيد من المساعي الدولية ليس فقط للحفاظ على حقنا في ثرواتنا الطبيعية، بل كذلك لحماية سيادتنا من الاعتداءات والخروقات الاسرائيلية، وأيضاً لضمان أمننا الداخلي الذي هو ألف باء الإستقرار والمدخل الطبيعي والوحيد للإزدهار.
عوني الكعكي