ماذا سيقول رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لمسؤولي الأمم المتحدة أثناء زيارته المرتقبة إلى مقرها في نيويورك والتي يعتزم القيام بها في 20 أيلول المقبل لإلقاء خطاب لبنان في الجمعية العمومية السنوية للمنظمة الدولية، عن مصير التحقيق في جريمة العصر الكارثية في مرفأ بيروت، والذي ما زال يتعرض للإعاقة والتعطيل تارة بخطوات سياسية وأخرى بوسائل قضائية وفي الكثير من الأحيان بوسائل أمنية يجيدها من لديهم احترافية عالية؟
من الآن حتى أيلول يفترض أن تحصل أمور كثيرة، وأن تنشأ معطيات عدة تفرض نفسها على أي لقاء لرئيس الدولة مع مسؤولين دوليين، منها مصير المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل على ترسيم الحدود البحرية بوساطة أميركية متفائلة بقرب التوصل إلى نتائج إيجابية. وللأمم المتحدة دور أساسي في إنفاذ أي اتفاق على الحدود عبر المنظمة الدولية، ما قد يتناوله الرئيس عون في زيارته خصوصاً إذا التقى الأمين العام أنطونيو غوتيريش.
لكن من القضايا المطروحة على الأمم المتحدة في ذلك التاريخ، وبالتزامن مع زيارة الرئيس عون التي ستكون آخر زيارة قبل 5 أسابيع من ختام عهده الرئاسي، اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية وعلى جدول أعماله النظر في طلب منظمات دولية عدة تعنى بحقوق الإنسان، إضافة إلى نواب لبنانيين من تكتل «الجمهورية القوية» ومن كتل أخرى، تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية في جريمة المرفأ بسبب العراقيل التي جمدت التحقيقات التي يقوم بها قاضي التحقيق العدلي طارق البيطار. وعلى مجلس حقوق الإنسان أن ينظر في هذا الطلب. فماذا سيكون موقف لبنان الرسمي والرئيس عون في هذه الحال، إذا سأله غوتيريش أو أي مسؤول أممي آخر، عن فكرة إرسال لجنة تقصي الحقائق هذه، خصوصاً أن الرئيس عون كان أول من رفض اقتراحات إجراء تحقيق دولي في انفجار المرفأ مساء 4 آب 2020 بعد ساعات قليلة على وقوعه، والحجة كانت، السيادة، وأن التحقيق الدولي يأخذ وقتاً، وفضل الاكتفاء بالاستعانة بخبراء من الدول التي أرسلت متخصصين جنائيين، اقتصر عملهم على تحليل مكان الانفجار والتربة من دون التعمق في التحقيقات ومصدر نيترات الأمونيوم التي خزنت في العنبر الرقم 12 في المرفأ، ولا في هوية أصحاب السفينة التي نقلتها إلى لبنان في عام 2013 ومصدرها ومسارها وأين ذهب جزء من الكمية التي كانت مخزنة…
في حال استجاب مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة في جنيف في أيلول لطلب المنظمات الإنسانية والنواب الذي وقعوا عريضة الدعوة إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق، ماذا سيقول رئيسا المجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي وعون قبلهما في حال تحركت الأمم المتحدة من أجل السعي للكشف عن حقيقة الانفجار، وهما معنيان أيضاً بإعطاء أجوبة لجهة دولية معنية بالأمر بعد اتساع المطالبة اللبنانية. كيف سيتعاطى الرؤساء الثلاثة مع بيان «مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان» التي تضم الأعضاء الدائمي العضوية في مجلس الأمن زائد ألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والأمم المتحدة، الذي صدر الأربعاء وسجّل «القلق من عدم إحراز تقدم في المسار القضائي المتعلق بالانفجار». هل يجرؤون على اعتبار هذا الموقف تدخلاً في الشؤون الداخلية، في وقت بات تأهيل لبنان لتلقي المساعدات الدولية من أجل إنقاذه من الآتون الاقتصادي المعيشي الذي سقط فيه، يشمل «استعادة صدقية مؤسسات الدولة وضمان احترام سيادة القانون وإرساء مبادئ المساءلة وإنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب» وفي وقت كاد إصرار «الثنائي الشيعي» على إقالة القاضي البيطار يتسبب بحرب أهلية في موقعة الطيونة؟
ماذا سيقول وزير العدل لـ»مجموعة الدعم» التي طالبت البرلمان بإقرار قانون استقلالية القضاء، بينما ينام القانون في أدراجه بعدما سحبه من الهيئة العامة بحجة إعادة دراسته منذ أشهر؟
مساءلة أهالي الضحايا والجرحى وصرختهم أمس شملت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي كان وعدهم بدعم الوصول إلى الحقيقة ولم يفلح، فهل يتوقع كبار المسؤولين أن يعفيهم الأهالي من المساءلة بعد الذي عانوه من قمع ومماطلة؟