تبدأ هذا الأسبوع عملياً عملية لا سابق لها منذ 70 عاماً لاختيار أمين عام جديد للأمم المتحدة خلفاً للحالي بان كي – مون الذي تنتهي ولايته بنهاية 2016. لم يعد المرشحون، وهم ثمانية حتى الآن، يحتاجون الى الإكتفاء بالتحرك تملقاً بين الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن للفوز بأرفع منصب عالمي. ستكون للدول الـ193 الأعضاء، ومنها لبنان، كلمة تسمع.
تدل المبادرة على أن الزمن عفى على الأسلوب القديم. احتاج التغيير الى نقاش بين أعضاء مجلس الأمن، ومن ثم الى توجيه رسالة من رئيسه ورئيس الجمعية العمومية للأمم المتحدة لطلب تقديم ترشيحات. تحتاج المنظمة الدولية ليس الى موظفـ(ة) لإدارتها. يعتقد ديبلوماسيون مهتمون أن زمن الأحادية يأفل الآن كما انتهت الثنائية بنهاية القرن العشرين. يتطلعون الى قامة سياسية تتولى قيادةعالم متعدد القطب.
تروّج الدول الغربية لاختيار امرأة. آن الأوان بعد ثمانية أمناء عامين رجال في منظمة ترفع عالياً نداءات العدالة والمساواة بين البشر من النساء والرجال. مدعاة للسخرية السوداء الإعتقاد البائد أن المرأة أقل شأناً. أما روسيا فتصر على حق دول أوروبا الشرقية، ضمن مبدأ المداورة، في نيل هذا المنصب. وهي تحظى ببعض التأييد لأن المناطق الجغرافية الأخرى حصلت سابقاً على هذا الشرف.
المرشحون حتى الآن أربع نساء وأربعة رجال، خمسة منهم من أوروبا الشرقية: رئيسة الوزراء النيوزيلندية سابقاً هيلين كلارك التي تتولى منذ عام 2009 إدارة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “الأونيسكو” البلغارية ايرينا بوكوفا، نائبة رئيس مجلس النواب الكرواتي وزيرة الخارجية السابقة فيسنا بوسيتش، والديبلوماسية المولدافية الرفيعة ناتاليا غيرمان، الرئيس السلوفيني السابق دانيلو تورك الذي عمل سابقاً أميناً مساعداً للأمين العام للأمم المتحدة، وزير خارجية مونتينيغرو ايغور لوكسيتش، وزير الخارجية المقدوني سابقاً سرجان كريم الذي عمل سابقاً سفيراً لبلاده في المنظمة الدولية، والمفوض السامي السابق للأمم المتحدة للاجئين البرتغالي أنطونيو مانويل أوليفييرا غوتيريس.
يتوقع انضمام مزيد من المرشحين الى هذا السباق خلال الأسابيع المقبلة. لم يتردد حتى الآن اسم أي عربي. ولكن سيكون على الأمينـ(ة) العامـ(ة) المقبل للأمم المتحدة أن يتعامل مع الكثير من القضايا التي تهم العرب، وما أكثرها.
لو كان لبنان بخير لكانت لديه فرصة لترشيح شخصية لهذا المنصب. ولكن من أين له أن يفعل وحكومته الغارقة في عجز مخجل لم تتبصر حتى الآن المصلحة العليا للبلاد في اعلان ترشيح غسان سلامة لخلافة ايرينا بوكوفا في الإدارة العامة لـ”الأونيسكو”. مخجلة التبريرات التي تساق حكومياً.
كيف يمكن لبنان أن تكون له كلمة وسياسيوه مستغرقون في عجزهم عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟ كيف يمكن هؤلاء التعسين ألا يرشحوا قامة انسانية وثقافية وفكرية عالمية مثل غسان سلامة لخلافة بوكوفا في “الأونيسكو”؟