تتزايد الانتقادات الموجهة الى الامم المتحدة على دورها الانساني تحديداً في سوريا، وهي تحمّل المنظمة الدولية مسؤولية تفاقم معاناة السوريين. فالعجز الذي تبديه أمام مأساة المحاصرين يكاد يكون فاضحاً، وخصوصاً بعدما تحول التجويع سلاحاً رئيسياً يستخدمه الفريقان، وإن بنسب متفاوتة، في هذه الحرب.
الوثيقة المتداولة عن أن الامم المتحدة كانت على علم بمجاعة مضايا قبل أشهر شكلت اشارة قوية في هذا الشأن، بعدما تبين أن المنظمة لم تضغط لإرسال مساعدات إلا عندما بدأت تظهر صور الأطفال الذين يعانون الجوع وسوء التغذية في وسائل الإعلام. وزاد التشكيك في قدرات الامم المتحدة على الاضطلاع بدورها تقرير يُظهر تدخل النظام السوري في خطتها للاغاثة في سوريا وحذفه اشارات الى حصار مدن وزرع ألغام، الامر الذي قلل حدة الانتهاكات التي يرتكبها النظام السوري في حق القانون الدولي.
سلوك الامم المتحدة يتناقض والنداءات القوية التي توجهها المؤسسات التابعة لها لمساعدة السوريين، ولا يلبي متطلبات الصورة المأسوية والمخيفة جداً التي ترسمها للوضع الانساني في سوريا، مع 13,6 مليون شخص في حاجة الى مساعدة ومليون شخص في المخيمات يفتقرون الى أي مساعدات دولية. وقد اضيف اليها أخيراً الحصار المتجدد لمعضمية دمشق حيث يعيش 45 الف شخص بلا مساعدادت انسانية ومواد طبية ملحة. فما الذي يعوق الامم المتحدة عن الاضطلاع بدورها الانساني وخصوصاً في سوريا؟ وهل تخشى حقاً أن يطرد النظام أو أي فصائل أخرى موظفيها من الشام؟ وهل بقاء الموظفين هناك شهود زور على المأساة يوفر للسوريين الماء والدواء والغذاء؟
لم تعد المنظمة الدولية تخفي عجزها في سوريا. فمكتب المبعوث الدولي ستافان دو ميستورا يستبق اي اتفاق لوقف النار قد ينبثق من المحادثات السياسية المتعثرة أصلاً في جنيف بالاقرار سلفا بعجز الامم المتحدة عن مراقبته أو فرضه، الامر الذي لا يعزز التوقعات، وإن تكن ضئيلة، لنهاية ما لهذه الحرب الدموية.
الورقة المسربة من مكتب دو ميستورا عن رؤيته لـ “آليات تطبيق وقف النار” تفترض، مما تفترضه، أنه سيكون على قوات النظام ومقاتلي المعارضة مراقبة أي اتفاق لوقف النار بأنفسهم. وإذا تحسن الأمن على الأرض، يتولى مكتب مبعوث الأمم المتحدة توسيع دوره في سوريا والعمل كوسيط بين المقاتلين السوريين الرئيسيين واللاعبين الدوليين.
الواضح أن دو ميستورا يتطلع الى تعميم اتفاقات وقف النار المحلية التي رعتها الامم المتحدة في سوريا. تلك الاتفاقات بدت في نظر كثيرين بمثابة مكافأة لنظام الأسد على تجويعه المدنيين، فهل تصير سياسة “التجويع حتى الاستسلام” في رعاية دولية عنوان المرحلة المقبلة؟