Site icon IMLebanon

ساترفيلد… والتقديرات الخاطئة

 

غابت عمليات الفصائل الفلسطينية من جنوب لبنان عن السمع بعدما حطّ الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين رحاله في ربوعنا، وتحديداً مع عدم اعتراض «حزب الله» على منع الجيش اللبناني لهذه الفصائل من استباحة الجنوب ومصادرته منصاتها. وكأنّ الأرجح هو احتمال بقاء المناوشات العسكرية الاستعراضية بين «الحزب» وإسرائيل في حدودها الحالية، لتتمدد قليلاً أو تنحسر قليلاً ولا تفلت من عقالها.

 

ويبدو أنّ رسالة الوسيط اليهودي وليس الإسرائيلي، على ما أوضح المدير العام السابق للأمن العام عباس إبراهيم، وصلت، وفهمها أصحاب الشأن. إلا أنّ ذلك لا يلغي وظيفة التركيز على تجريم المحور الممانع للولايات المتحدة واعتبارها المسؤولة الفعلية عن عملية الإبادة المستمرة لأهل غزة الذي تمارسه آلة القتل الإسرائيلية من دون رادع.

 

كما يبدو أنّ هذا التجريم لا يتعارض مع ضبط الإيقاع المطلوب بغية رفع مسؤولية فتح الجبهات عن كاهل رأس هذا المحور وأذرعه. فالطرح القائم على أنّ المعركة مع «الشيطان الأكبر»، يساهم في التملص من المواجهة المفتوحة مع الشيطان الأصغر… وعلى أنّ الولايات المتحدة هي المسؤولة، أمّا إسرائيل فهي حشرة. ولطالما تباهى مسؤولون إيرانيون بإمكانية إزالتها من الوجود فقط بسبع دقائق ونصف. لكن مثل هذه العملية التافهة لن تلغي الخطر الحقيقي، بالتالي تبقى المعركة الكبرى قائمة باحتمالاتها، وتبقى الألوية للمحافظة على جهوزية المحور وأذرعه واتخاذ قرار مواجهتها في الوقت المناسب والمكان المناسب. وفي الانتظار، لا بأس بتكبير الحجر والتهويل بتهديد حاملات الطائرات والبوارج الأميركية في المتوسط، والايحاء بالعمل لإزالة هذا الشيطان من الوجود، مقابل الاكتفاء على الجبهة الجنوبية بجولات محدودة خاضعة لقواعد الاشتباك.

 

أو بكل بساطة، المطلوب تغليب المنطق القائم على حسابات الربح والخسارة على ما عداه. وبالرغم من العنتريات والسقوف المرتفعة كلامياً، يعي الممانعون جيداً أنّ فتح لبنان أمام آلة القتل الإسرائيلية سيرتد وبالاً عليهم وسينهي وجود الأذرع الحاضرة لخدمة رأس محورها وربما ينقذ اللبنانيين منهم، ذلك أنّ توسيع الجبهات سيفيد إسرائيل بإظهارها ضحية ومرغمة على القيام بمجازر جديدة لتحمي نفسها، في حين أنّ مجازرها الحالية بحق الفلسطينيين تؤدي الغاية المرجوة، إذ بدأت تنقلب عليها وتدينها في المجتمع الدولي!

 

أو ينفع التذكير بأنّ أولوية «محور المقاومة»، هي الاستمرار في تهديد الاستقرار الإقليمي، والإمعان في إبقاء الدول التي ساهم هذا المحور في انهيارها ذات سلطة مركزية ضعيفة وسط الفوضى وليس الاستقرار والنمو، لذا يجب المحافظة على الكيان الصهيوني شمّاعة وحجة بهدف تعزيز رسالة مشغله، وإبقاء الأذرع التي تتحدى السلطات الشرعية لبلدانها على سلاحها غير الشرعي تحت شعار وهمي هو حماية الذين تنكل بهم… وممنوع الاعتراض.

 

بالتالي، ودائماً وفق حسابات الربح والخسارة، ومع واقع أنّ رأس المحور الممانع مأزوم، وكذلك إسرائيل، ونتنياهو تحديداً… إلا أنّ التمايز بين الخطوط الحمر المفروضة على كل منهما يرسي معادلاته، لذا كانت مسارعة إيران إلى نفي علاقتها بعملية «طوفان الأقصى»، أو بأي عمل أو هجوم استهدف القوات الأميركية في سوريا والعراق.

 

وهنا يمكن تحديد التقاطع بين المحور الممانع وبين ما قاله المبعوث الأميركي الخاص للشؤون الإنسانية في الشرق الأوسط، ديفيد ساترفيلد، عن إنّه لا يوجد ما يشير إلى أنّ إيران أو وكلاءها في المنطقة يعتزمون التعجيل بنشوب صراع يتجاوز حرب إسرائيل مع حماس. ليضيف: «من الضروري ألا تقدم إيران و»حزب الله» على أعمال استفزازية. إن تبادل إطلاق النار مع «حزب الله» على طول حدود إسرائيل مع لبنان يعزز احتمال التقديرات الخاطئة».