IMLebanon

الشعب الأميركي في مكان والقيادة في مكان آخر  

 

 

لأوّل مرّة في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية نرى ان الشعب الأميركي في مكان، والقيادة السياسية في مكان آخر عكس تطلعات القيادة وتوجهاتها.

 

كما ان، هذه هي المرة الأولى التي يحصل فيها هذا التناقض، خصوصاً ان النظام الحر الذي تفتخر به أميركا على جميع الأصعدة سقط هذه المرّة، لأنّ الشعب الاميركي وخصوصاً في الجامعات والمدارس في مكان يناقض ما يعلنه الحكام… إذ ان التظاهرات تنتقد إسرائيل بشكل شديد، كما انها أطلقت على رئيس حكومة إسرائيل أبشع الصفات ولقبته بالمجرم والسفاح وقاتل الأطفال الى ما هنالك من صفات الإجرام.

 

والغريب العجيب ان الڤيديو الذي يصوّر امرأة واقفة خلف سياج حديدي وهي تشرح بأنها المرّة الأولى في تاريخ أميركا ترى نفسها سجينة، فتصرفات الحكم تعاكس النظام الديموقراطي الحر. طبعاً هذا السياج الحديدي يؤكد خوف النظام والشرطة الاميركية من تطوّر التظاهرات والوصول الى المكان الذي يريد أن يلقي فيه بنيامين نتنياهو كلمته الموجهة الى الشعب الاميركي يطلب فيها التأييد والمساعدات المالية والعسكرية، ويحاول كسب ود الشعب الاميركي، وأنه سوف “يتمسكن” أمام الجماهير ويحاول أن يبدّل الرأي العام لمصلحته.

 

كل هذه المحاولات ستفشل… والقضية الفلسطينية بعد 75 سنة أظهرت انها لا تموت.. وأنّ هناك شعباً هو شعب الجبارين الذي لن يهدأ حتى إقامة الدولة الفلسطينية الحرّة على أرض فلسطين.. وأنّ هذا هو الحل الوحيد مهما حاولت إسرائيل استعمال أشدّ أنواع القتل والتدمير والسحل والإلغاء.. كل هذا لا ينفع مع هذا الشعب المظلوم، شعب الأبطال، شعب الجبابرة.

 

تأتي زيارة نتنياهو الى أميركا في هذا الوقت من أجل استغلال الصوت اليهودي الاميركي في الانتخابات الرئاسية، إذ كما هو معلوم ان اللوبي اليهودي يلعب دوراً كبيراً ومؤثراً في نتائج الانتخابات.

 

لذلك، فإنّ نتنياهو أصاب عصفورين بحجر واحد في زيارته الى أميركا: أولاً: الهرب من الوقت أي من 27 هذا الشهر يوم تبدأ عطلة الكنيست الاسرائيلي، خصوصاً وأنه خائف من مساءلته وسوقه الى السجن بالتهم الموجهة إليه وإلى عائلته. والثانية: من أجل الحصول على تأييد رئاسي من المرشحين للرئاسة الاميركية.

 

وهنا، لا بدّ من القول إنّ أي مسؤول أميركي، مهما كبُر مركزه، لا يستطيع أن يعطي مساعدات مالية وعسكرية كما كان يفعل من قبل، لأنّ فشل إسرائيل العسكري وعمليات الإبادة والإجرام التي يرتكبها الجيش لم تعد مقبولة عند الشعب الاميركي والرأي العام العالمي.

 

من ناحية ثانية، جرى اجتماع بدعوة من القيادة الصينية لـ”14 فصيلاً فلسطينياً بمشاركة حركة فتح وحركة حماس للاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية.. هذا شيء جديد يساعد على إسقاط الحجج أمام إسرائيل التي تلعب دائماً على التناقضات، كما فعلت بعد “اتفاق أوسلو” عام 1993 حيث شجعت على الخلاف بين منظمة التحرير بقيادة ياسر عرفات رحمه الله وبين حركة حماس.

 

من هنا، جاءت عملية “طوفان الأقصى” لتزيل كل الخلافات، وتوحّد الشعب الفلسطيني تحت راية الوحدة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

 

وهذه المرّة ستسقط كل المؤامرات التي تحاك ضد شعب الأبطال.

 

المهم والأهم، أنه وبعد عملية “طوفان الأقصى” هناك عالم جديد، عالم أصبح يعرف ان إسرائيل هي دولة تغتصب أراضي فلسطين. وكما صدر عن محكمة العدل الدولية في لاهاي بهولندا برئاسة القاضي نواف سلام الذي طلب من إسرائيل أن تسلّم الأراضي التي احتلتها عام 1967… بمعنى أدق ان الضفة وقطاع غزة هي أراضٍ فلسطينية احتلتها إسرائيل، وأنّ عملية “طوفان الأقصى” عملية وطنية لتحرير الأراضي الفلسطينية من الاحتلال الاسرائيلي… وهذه هي المرّة الأولى التي تتجرّأ فيها محكمة دولية بإصدار هكذا قرار.