IMLebanon

الجامعات إلى “الدولرة” والطلاب في المواجهة!

 

الحكيّم: لماذا أصبحت كل القطاعات في لبنان تسعّر على أساس دولار السوق السوداء إلا التعليم؟

 

 

يبدو أن الجامعات الخاصة في لبنان تمارس كافة أنواع العنف الطبقي على الطلاب بعدما فرضت دولرة الأقساط. فمنذ بدء الازمة حتى اليوم وعشرات الطلاب يخرجون الى الشارع مطالبين بعدم ربط أقساط الجامعات بالدولار الأميركي. فمن حقهم دفع اقساطهم بالليرة اللبنانية كونهم يتعلمون في لبنان وليس في الخارج. فمن أين لهم ان يأتوا بكل هذه المبالغ الباهظة ومعظم الرواتب ما زالت تدفع بالليرة؟ ولماذا يتحمل الطلاب الخسائر المالية التي تمر بها إدارات الجامعات الخاصة؟

 

هل أصبح العلم في لبنان ايضاً «مستورداً من الخارج» مثل الدواء والغذاء والمحروقات؟ فمعظم الجامعات الخاصة تزفّ خبر دولرة الأقساط واحدة تلوَ الأخرى. وكان قد طرأ تعديل عدة مرات منذ بدء الازمة حتى اليوم. فماذا يفعل الطالب المحروم من الدخل بالدولار؟ وما هو البديل؟ الجامعة اللبنانية؟ فان جامعة الوطن الوحيدة والتي من المفترض أن تضم طلاب الدخل المحدود منهارة ومستقبلها مجهول. وأغلب الطلاب سيتركون علمهم، ليس اعتراضاً على القرار، ولكن لعدم قدرتهم على تحمل هذه الأعباء الهائلة، أو أنهم سيتجهون الى جامعات أخرى أقل كلفة ولكن ليس بنفس الجودة.

 

التعديلات التي طرأت  على الأقساط منذ الازمة

 

الجامعة اللبنانية الاميركية والجامعة الأميركية في بيروت بادرتا الى رفع أقساط فصل الربيع للعام 2021، بداية على سعر صرف 3900 ليرة للدولار الواحد ومن ثم على سعر صرف 8000 ليرة للدولار الواحد. وبينما بقية الجامعات تدرس قراراتها النهائية، اختارت الجامعة اللبنانية الأميركية الدولرة بالكامل لكل الرسوم الجامعية بدءاً من خريف 2022 وذلك بسبب اتّساع الفجوة بين ما تتقاضاه وما تسدّده من رسوم تشغيلية، وهجرة الأساتذة والموارد البشرية الكفوءة. وكذلك الجامعة الأميركية في بيروت اتجهت نحو الدولرة الكاملة التدريجية حيث أن 60 بالمئة من القسط بالدولار في بداية العام الجامعي 2022 ـ 2023، و80 بالمئة في العام الذي يليه، وصولاً إلى تقاضي الاقساط 100 بالمئة بالدولار، ولكن مع تقديم المنح والمساعدات للطلاب وحسم بحدود الـ 40 بالمئة من الاقساط.

 

وكذلك كانت قد قررت الجامعة اليسوعية زيادة 250 دولاراً (فريش) على القسط الفصلي لكل طالب والتي تقسم على دفعتين متساويتين (125 دولاراً لكل دفعة)، مع العلم أن الجامعة كانت قد وعدت طلابها عند التسجيل بأنها لن تعدل الأقساط بعدما حددت الدولارعلى أساس 2700 ليرة. وبررت الجامعة في بيان لها فرض هذا المبلغ بالدولار لكون «72 في المئة من النفقات تدفع بالدولار، وللحفاظ على الكادر التعليمي الذي يغادر الجامعة لعدم قبض الرواتب بالدولار، إضافة الى النقص في التمويل الخارجي». أما اليوم، لا يوجد قرار نهائي بعد، ولكن تشير الاجواء الى أنه لا مهرب من الدولرة التي يفترض ألا تتجاوز 30 بالمئة في الجامعة اليسوعية بحسب رئيس رابطة جامعات لبنان سليم دكاش.

 

«الدولرة» المبررة وغير المبررة!

 

بحسب الخبير الاقتصادي جهاد الحكيّم: «إن دولرة الاقساط يمكن أن تكون مبررة للجامعات العريقة والتي تتميز بأفضل مستوى تعليمي وتعتمد مقاييس الجودة، وذلك لتتمكن من الحفاظ على الموارد البشرية من أساتذة وأطباء الذين كانوا السبب الأساسي لمنحهم هذا التميز». ويعتبر أيضاً أن «هذه الجامعات تأخرت بدولرة أقساطها لأنها خسرت عدداً كبيراً من كادراتها التعليمية الكفوءة». ويشير الحكيّم الى أن «أغلبية الذين يرتادون هذا النوع من الجامعات هم من الميسورين والقادرين على تحمل أعبائها، إضافة الى المنح التي تمنحها هذه الجامعات الى عدد كبير من الطلاب غير الميسورين. أما القسم الآخر من الطلاب، الذين يتجهون الى الجامعات الاخرى، وعادة يكون طلابها من ذوي الدخل المحدود والذين يعملون لتسديد نفقاتهم الجامعية، فلا يوجد أي مبرر لدولرة أقساطها، خاصة أن جامعات عديدة كدّست الكثير من الاموال على مدى السنوات الماضية خصوصاً تلك التجارية منها».

 

ويطرح الحكيّم سؤالاً أساسياً: «لماذا أصبحت كل القطاعات في لبنان تسعّر على أساس دولار السوق السوداء، إلا التعليم؟ فهناك عدد كبير من الأسر تعيش من هذا القطاع».

 

ويختم بالقول: «من المفترض أن يكون العلم متوفراً للجميع طبعاً، ولكن هو متوفر في كل العالم ولكل العالم عن طريق جامعة الوطن حيث يتم الاستثمار فيها والعمل عليها، لتتمكن من استيعاب أكبر عدد ممكن من الطلاب الجديين والكفوئين».

 

ولكن في النهاية، يبقى الطالب الضحية الوحيدة في هذا الموضوع، فلقد حرمته الأزمة في لبنان من حقه بالعيش بكرامة وأجبرته على تغيير نمط حياته بالكامل وتحمّل أعباء ليست بالحسبان لتقضي عليه اليوم وتحرمه من أهم خطوة لتأمين مستقبله.