Site icon IMLebanon

نحو نظام تعليمي فعّال – كيف يمكن لإصلاح التعليم أن يعزّز الاقتصاد؟

 

 

لطالما كان لبنان مَركزاً للتميّز في التعليم، إذ اشتهرت مدارسه وجامعاته بتخريج أجيال متعلّمة ومؤهلة. لكن في الوقت الحالي، يشهد التعليم الأساسي في لبنان تراجعاً ملحوظاً، إذ لا تزال غالبية المدارس تعتمد على أساليب تدريس تقليدية مثل التلقين (Memorization) والحفظ، بينما تتبنّى قلة قليلة منها أساليب تعليمية متقدّمة تتماشى مع التطوّرات الحديثة.

هذا التفاوت في الأساليب التعليمية يؤدّي إلى فجوة كبيرة في التحصيل العلمي بين الطلاب، ممّا يضرّ بجودة التعليم ومستقبل الأجيال القادمة، بل يؤثّر بشكل مباشر على مستقبل الاقتصاد الوطني.

أساليب التعليم التقليدية وتأثيرها
تعتمد معظم المدارس على أساليب التعليم التقليدية التي تركّز على التلقين وحفظ المعلومات، ممّا يحرم الطلاب من الفرص اللازمة لتطوير مهارات التفكير النقدي (Critical Thinking) والعمل الجماعي (Teamwork) والتشاركي (Collaboration).
نتيجة لذلك، يصبح الطلاب متلقّين سلبيِّين للمعلومات، ممّا يقلّل من تفاعلهم وتحصيلهم العلمي ويُضعِف قدرتهم على الإبداع. لا يبدأ الطلاب في اكتساب هذه المهارات إلّا بعد دخولهم الجامعة أو سوق العمل، حيث يخضعون لدورات تدريبية. لماذا ننتظر حتى هذه المراحل؟ التعليم الأساسي يجب أن يشمل تطوير هذه المهارات منذ البداية، بدلاً من الانتظار حتى مرحلة متأخّرة.

الحلول: التعليم التفاعلي القائم على الكفاءة
من أجل تحسين جودة التعليم في لبنان، يجب تبنّي أساليب تعليمية حديثة تُركِّز على تفاعل الطلاب وتطوير مهاراتهم منذ البداية. هذه بعض الحلول الممكنة:
1. التعليم القائم على الكفاءة (Competency-Based Education): يُركّز هذا النوع من التعليم على تطوير المهارات العملية للطلاب، ممّا يجعلهم أكثر استعداداً لمواجهة تحدّيات الحياة العملية.
2. التعليم التفاعلي (Interactive Learning) والمهارات التدريسية التفاعلية (Interactive Teaching Skills): تُشرك الطلاب في عملية التعلّم وتجعلهم جزءاً فعّالاً منها. وتشمل هذه الأساليب النقاشات الجماعية، الأنشطة التشاركية، والتطبيقات العملية التي تحفّز التفكير النقدي وحَلّ المشكلات.

  1. تشجيع العمل الجماعي والتشاركي (Teamwork and Collaboration): يجب أن تكون بيئة التعلّم في الصفوف تشاركية، حيث يعمل الطلاب بشكل جماعي لحَلّ المشكلات، ممّا يُعزّز التعاون بينهم.
    4. تدريب المعلّمين (Teacher Training): يجب توفير برامج تدريبية للمعلمين تُمكِّنهم من استخدام المهارات التفاعلية الحديثة في التدريس وتعزيز قدرتهم على إدارة الصفوف بطرق متقدّمة.

التكنولوجيا التعليمية كجزء من الحل
تُعتبر التكنولوجيا التعليمية (Educational Technology) أداة هامة في تحديث العملية التعليمية. ويمكن لاستخدام اللوحات الذكية (Smart Boards) وتطبيقات التعلم الإلكتروني (E-Learning Applications) أن يجعل العملية التعليمية أكثر جاذبية وتفاعلاً للطلاب. فالتكنولوجيا تساعد أيضاً في تعزيز الاستيعاب والفهم العميق للمفاهيم، وتتيح للطلاب تطبيق ما يتعلّمونه بشكل عملي.

دور المنظّمات غير الحكومية والقطاع الخاص
تقوم العديد من المنظمات غير الحكومية (NGOs) في لبنان بتقديم برامج تدريبية تستهدف بناء قدرات كوادر القطاع العام، مستخدمةً أساليب تعليمية تفاعلية ومتطوّرة.
أمّا بالنسبة إلى القطاع الخاص، فهو يعتمد بشكل متزايد على شركات تدريب محلية ودولية تستخدم أحدث أساليب التعليم الحديث. إذا كانت هذه الأساليب قد أثبتت نجاحها في بناء القدرات المؤسسية، فلماذا لا تُطبّق في المدارس؟ من خلال هذه الاستراتيجيات، يمكن للأطفال تعلّم التفكير النقدي والعمل الجماعي منذ سِنّ مبكرة، ممّا يُعدّهم لمواجهة تحدّيات المستقبل.

تحسين التعليم ودعمه للاقتصاد
تحسين التعليم في لبنان ليس مجرّد هدف أكاديمي، بل هو ضروري لدعم الاقتصاد الوطني. فالطلاب الذين يتمتعون بمهارات التفكير النقدي والابتكار سيكونون أكثر قدرة على الإسهام في تحسين الأداء الاقتصادي للبلاد. بناء نظام تعليمي يُعزّز من الإبداع والكفاءة سيُسهم في تكوين قوى عاملة مؤهلة.
لا يمكن للبنان استعادة مكانته كمنارة تعليمية في المنطقة من دون إجراء إصلاحات جذرية في نظام التعليم الأساسي.
وتبنّي التعليم التفاعلي والمهارات التفاعلية والتشاركية في المدارس هو خطوة حاسمة نحو تحسين جودة التعليم. الأطفال الذين يتعلّمون التفكير النقدي والعمل الجماعي منذ سِنٍّ مبكرة سيكونون أكثر استعداداً لمواجهة تحدّيات المستقبل. إذا أردنا أن نصنع جيلاً قادراً على إحداث تغيير إيجابي في المجتمع، يجب أن نبدأ بتحديث النظام التعليمي من الأساس.

 

لماذا أرسلت إسرائيل قوات إلى لبنان؟

إفرات ليفني – نيويورك تايمز

تشير إسرائيل إلى أنّها تهدف إلى إضعاف قوات «حزب الله» في منطقة جنوب لبنان التي يسيطر عليها الحزب المسلح.

خاضت إسرائيل و«حزب الله» حروباً من قبل، كان آخرها في عام 2006، وهو صراع استمرّ لمدة شهر وانتهى بقرار وقف إطلاق النار من الأمم المتحدة، الذي دعا كلا الجانبَين للانسحاب من منطقة عازلة تبلغ مساحتها 20 ميلاً في جنوب لبنان على طول الحدود الشمالية لإسرائيل.

لكنّ «حزب الله» لم ينسحب أبداً من المنطقة، وعبرت القوات الإسرائيلية إلى المنطقة في وقتٍ متأخّر من مساء الاثنين، في ما وصفه الجيش الإسرائيلي بأنّه عملية «محدودة».

إليك سبب قول إسرائيل إنّها أرسلت قوات برية إلى لبنان:

ما هو هدف إسرائيل؟

الغزو، الذي أكّده الجيش الإسرائيلي في وقت مبكر من يوم أمس الثلاثاء، يهدف إلى إضعاف قوات «حزب الله» وبنيته التحتية في منطقة جنوب لبنان التي يُسيطر عليها الحزب المسلح، إذ يُعرف بأنّه يبني أنفاقاً تحت الأرض تؤدّي إلى إسرائيل.

وتأتي العملية بعد أسبوعَين من الضربات الجوية الإسرائيلية المكثّفة والهجمات ضدّ «حزب الله» المدعوم من إيران، والتي تضمّنت استخدام أجهزة تفجير مثبتة في الهواتف والراديوهات.

وكشف المسؤولون الإسرائيليّون أنّ الهجمات كانت تهدف جزئياً إلى القضاء على قيادة الحزب؛ وقد قُتِل زعيم «حزب الله»، حسن نصر الله، في غارة جوية يوم الجمعة. لكن كان المسؤولون قد أشاروا أيضاً إلى أنّ هذه الهجمات قد تُزيل الحاجة إلى غزو بري.

وأطلق «حزب الله» هجمات جوية شبه يومية ضدّ المواقع الإسرائيلية منذ تشرين الأول الماضي. ويشير الحزب إلى أنّ هجماته تأتي تضامناً مع «حماس»، التي هاجمت إسرائيل في 7 تشرين الأول، ممّا دفع الجيش الإسرائيلي لشنّ حرب في غزة.

لماذا تستهدف إسرائيل جنوب لبنان؟

جنوب لبنان منطقة وعرة، مليئة بالأودية العميقة حيث يمكن للمدافعين نصب الكمائن بسهولة لجيش غازٍ، وهو عامل قد أثر في تخطيط الجيش الإسرائيلي. ساعدت التضاريس القاسية تاريخياً الفصائل في المنطقة على الدفاع عن نفسها، وقد استخدم «حزب الله» الجغرافيا لصالحه في الحروب السابقة مع إسرائيل.

وأجرى القادة العسكريون الإسرائيليّون تدريبات تحضيرية استمرّت لأشهر للقوات التي يمكن إرسالها للقتال في المنطقة، وهي تدريبات تمّ الإعلان عنها طوال الصيف وحتى الخريف.

ليس من الواضح مدى العمق الذي ستتوغّل فيه القوات الإسرائيلية داخل جنوب لبنان خلال هذه العملية البرية. أمس، دعا الجيش الإسرائيلي سكان أكثر من 20 بلدة وقرية إلى الإخلاء والانتقال شمال نهر الأولي، الذي يبعد أكثر من 15 ميلاً عن الحدود الإسرائيلية في أقرب نقطة.

ما هو قرار الأمم المتحدة 1701؟

دعا قرار الأمم المتحدة 1701، الذي أنهى حرب عام 2006، إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان إلى منطقة في مرتفعات الجولان تحت ما يُعرف بـ»الخط الأزرق»، وإلى انسحاب «حزب الله» شمال نهر الليطاني، الذي يقع جنوب نهر الأولي. وكان من المفترض أن تصبح المنطقة الواقعة بين الليطاني والحدود منطقة عازلة.

دعا القرار إلى أن يسَيطر الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة على المنطقة. وقد بقيت قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في المنطقة، لكن لم يتمّ تنفيذ القرار بالكامل.

جادل «حزب الله» بأنّ وجوده في المنطقة العازلة مبرّر لأنّ إسرائيل لا تزال تحتل أراضي لبنانية. وعلى الرغم من أنّ الأمم المتحدة اعتبرت أنّ إسرائيل انسحبت بالكامل من لبنان في عام 2000، إلّا أنّها بقيت في منطقة تُعرف بمزارع شبعا، والتي تعتبرها الأمم المتحدة جزءاً من سوريا المحتلة. بينما يقول لبنان و»حزب الله» إنّ الأرض لبنانية.

كان القرار يتوقّع نزع سلاح «حزب الله»، لكنّ الحزب لم يزداد إلّا قوة سياسية وعسكرية. في عام 2008، سعت إسرائيل إلى محادثات سلام مع حكومة لبنان، لكنّها قوبِلت بالرفض إلى حَدٍّ كبير لأنّ «حزب الله» كان قد اكتسب قوة سياسية من خلال اتفاق مع الحكومة اللبنانية.

وتُصرّ إسرائيل على أنّ «حزب الله» بنى ترسانة من الصواريخ الموجّهة نحو حدودها الشمالية، وبنى المزيد من الأنفاق تحت الأرض التي من شأنها أن تسمح للحزب بالتسلّل ومهاجمتها، كما فعل في عام 2006.

في عام 2018، كشفت عملية عسكرية إسرائيلية عن أنفاق بناها «حزب الله»، ممّا دفع إسرائيل إلى الدعوة لاتخاذ إجراءات دولية. وأكّدت قوات الأمم المتحدة في لبنان وجود الأنفاق.

يُعتقد أنّ «حزب الله» يمتلك ربما أكبر ترسانة لأي جماعة مسلّحة في العالم باستثناء الحكومات، وفقاً للخبراء. في تقرير صدر في آذار عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهي منظمة بحثية مقرّها واشنطن، قُدِّرت حجم ترسانة «حزب الله» بين 120,000 و200,000 صاروخ وقذيفة، بما في ذلك صواريخ باليستية موجّهة، وصواريخ باليستية قصيرة ومتوسطة المدى غير موجّهة، وقذائف قصيرة وطويلة المدى غير موجّهة.

الوضع الحالي

في الشهر الماضي، ومع تصعيد إسرائيل لهجماتها الجوية على «حزب الله»، أرسل وزير الخارجية الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، رسالة إلى الأمم المتحدة، يجادل فيها بأنّ الجيش الإسرائيلي يهدف إلى إحباط خطط «حزب الله» للتسلّل إلى إسرائيل، ودعا إلى تنفيذ قرار 1701.

لطالما خشِيَ المسؤولون الإسرائيليّون من أنّ يشنّ «حزب الله» هجوماً من نوع الهجوم الذي نفّذته حماس في 7 تشرين الأول 2023، والذي أسفر عن مقتل حوالى 1,200 شخص وأدّى إلى اندلاع الحرب في غزة.

وتكبّد «حزب الله» ضربات قاسية تتجاوز فقدانه لزعيمه في الهجمات الإسرائيلية المكثفة التي سبقت الغزو الحالي، بما في ذلك غارات جوية عنيفة قرب بيروت خلال عطلة نهاية الأسبوع. لكنّه واصل إطلاق الصواريخ على شمال إسرائيل – وأحياناً إلى وسط إسرائيل – ممّا يُثبِت مرونته.