Site icon IMLebanon

ظالمون ومظلومون

قال الديبلوماسي: مضت على تجربتي في بلدكم نحو سنتين كانتا كفيلتين بأن أكتشف كم أنتم تعيشون حال مَرَضية مروّعة. أنتم في أمراض سياسية وأمراض بيئية و«بسيكوز» عام من حال نفسية تصيب الجميع، كلاً من منطلق ربما يختلف عن منطلق إصابة الآخر، وإن كنتم تلتقون عند نقطة واحدة وهي أنكم حال فريدة من بين الحالات التي عرفتها أثناء خدمتي في بلدان متعدّدة من مشارق هذه الدنيا ومغاربها.

كان الديبلوماسي الغربي يتحدّث بطلاقة، وكاد بسبب السرعة أن »يتعثر بكلامه «أحياناً على حد قول الرئيس المرحوم تقي الدين بك الصلح، رجل الشكل الأنيق والكلمة الأنيقة والأداء الأنيق… فلقد كانت الكلمات تتدفق من فم الديبلوماسي بحماسة إختلط فيها الأمر على المستمعين إليه ما إذا كان متأثراً حرقة علينا أو لفشله الذي إعترف به في فهم طبيعة هذا الشعب اللبناني الذي هو غير شكل عن سائر الشعوب، كما قال.

الحديث كان في «سهرة فكرية» في الصالون الأدبي لتلك السيّدة الشمالية الراقية التي مازالت تمثل قيماً جمالية حقيقية تغيب، من أسف، في هذا الزمن الرديء. أما الحضور فكانوا من كل حديقة وردة: بينهم سياسيون، وأدباء، وإعلاميون رجالاً ونساء دعوا الى الإستماع الى كلام «من القلب للقلب» و«من دون رتوش» (كما اعتادت السيّدة أن تقدم المتحدّث في صالونها المحترم.

الديبلوماسي الغربي قال إنه لا يعرف ما إذا كان حسن الطالع أو سوء الطالع هو ما جعل وصوله الى لبنان يتوافق مع العلامات الفارقة الآتية:

1- الفراغ الرئاسي الذي بدأ بعد مباشرته مهمته بأشهر قليلة، ولا يزال يتفاعل حتى اليوم.

2- أزمة تشكيل الحكومة التي يفترض أنها مكلّفة مهمة استثنائية مرحلية لأشهر محدودة لا تتجاوز الثلاثة تستقيل بعدها في مطلع العهد الرئاسي الجديد… مع العلم أنها «لم تتألف إلاّ بعد أن إستوطن الفراغ الرئاسي بأشهر».

3- أزمة النفايات التي كشفت في رأي الديبلوماسي «قصوراً» غير مسبوق، الى «أمور ثانية» في هذا الملف القذر معتذراً عن عدم ذكرها وعدم التباسط في موضوع النفايات.

4- الحراك المدني الذي لا نعرف كيف إنطلق، ولا كيف إنتهى… بل لسنا نعرف ما إذا كان لايزال منطلقاً أو صار منتهياً».

5- قضية جنود الجيش وعناصر قوى الأمن الداخلي الذين لايزال فريق منهم في الخطف لدى «داعش» بعدما أطلقت »النصرة« من كانوا في حوزتها. (وهنا كان كلام كبير حرص الديبلوماسي على القول إنه لم يحجبه عن الحضور ولكنه يأمل عدم نقله الى خارج الدائرة الضيقة التي قيل فيها).

6 – الإنقسام الحاد حول التطورات في سوريا واستطراداً حول الموقف من إيران والموقف من السعودية (الخ…).

وقبل فتح باب النقاش مع الديبلوماسي استدرك قائلاً: «أنتم مظلومون لأنكم تحت هذا الواقع، وأنتم ظالمون أنفسكم لأنكم تقبلونه».