تواجه وكالة “الأونروا” تحدياً مصيرياً بحظر عملها داخل “إسرائيل”، بما في ذلك القدس والضفة الغربية، تنفيذاً للقانون الذي أصدره الكنيست الإسرائيلي في 28 تشرين الأول 2024، والذي يدخل حيّز التنفيذ بعد 90 يوماً من إقراره. وقد أبلغت إسرائيل الأمم المتحدة بضرورة وقف عمليات الوكالة وإخلاء مقارّها في القدس بحلول الخميس، 30 كانون الثاني.
هذا البلاغ وضع الأمم المتحدة أمام مواجهة مباشرة، حيث طُرحت تساؤلات كثيرة حول ردها المتوقع: فهل ستُنفّذ الأمم المتحدة ما ورد في الرسالة الإسرائيلية؟ أم سيكون لها موقف حاسم يحمي وينقذ مؤسسة عريقة من مؤسساتها؟ في وقت أكدت الأوساط الفلسطينية “أنه لا يحقّ لأي جهة إلغاء “الأونروا” أو تقويض عملها إلا بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة”.
وتنظر القوى السياسية الفلسطينية بعين الريبة والشك إلى مواقف كبار المسؤولين الأمميين، سواء لجهة “حل سياسي يربط ولاية الأونروا بإنشاء دولة فلسطينية”، وهو ما يتعارض مع ولايتها وفقًا للقرار 194، الذي أكّد حق العودة والتعويض واستعادة الممتلكات. فالأونروا لم تُؤسس كبديل لحل سياسي، ولا ترتبط ولايتها بقيام دولة فلسطينية، إذ إن تقرير المصير هو حق حصري للشعب الفلسطيني.
كما أن الترويج لفكرة أنه “في حال غياب الأونروا أو المؤسسات الفلسطينية الرسمية، سيتعين على دولة إسرائيل – كقوة احتلال – توفير المساعدات والخدمات للسكان في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك غزة”، يحمل دلالات سياسية خطيرة. فاستخدام مسمى “السكان” بدلاً من “اللاجئين” يهدف إلى نزع صفة اللجوء عن الفلسطينيين، وهو ما يشكل خطراً سياسياً كبيراً. أو الترويج لفكرة البحث عن جمعيات دولية لتقوم بمهامّ الأونروا، ونقل خدماتها إلى المفوضية العليا للاجئين، كخطوة تمهيدية لشطب حق العودة.
وتؤكد مصادر فلسطينية لـ”نداء الوطن” أن الأخطر في حظر عمل “الأونروا” في إسرائيل هو تزامنه مع تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب مهامه رسمياً، والتوقيع على قرار وقف تمويل “الأونروا” في إطار قراره الخاص بتعليق جميع برامج المساعدات الخارجية “موقتاً” لمدة 90 يوماً، لحين إجراء مراجعات لتحديد مدى توافقها مع أهدافه السياسية.
علمًا أنه في حقبة الرئيس جو بايدن، صدر قرار من الكونغرس الأميركي بمنع تمويل “الأونروا” حتى آذار 2025. وبالتالي، أصبحت مهلة الـ90 يوماً مضمنة ضمن هذا الإطار، ومن المحتمل أن يقوم ترامب بتمديد قرار وقف التمويل للوكالة، مما يزيد من التحديات التي تواجهها “الأونروا” في هذه المرحلة الحرجة.
مقاطعة كلاوس
وفي خطوة لافتة، قررت لجنة المتابعة المركزية للجان الشعبية الفلسطينية في لبنان مقاطعة مديرة “الأونروا” في لبنان، دوروثي كلاوس، ووقف الاتصال بها وتعليق اللقاءات معها، وذلك بسبب مقاطعتها ورشة العمل التي نظمتها اللجان في سفارة دولة فلسطين في بيروت منذ أيام، بمشاركة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس دائرة شؤون اللاجئين، الدكتور أحمد أبو هولي.
وأوضحت اللجان في بيانها أن هذه الورشة جاءت في ظل الحملة التي تتعرض لها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، والتي تهدف إلى إنهاء دورها وتقويض عملها. كما أشارت إلى أن الورشة الحوارية، التي حملت عنوان “الأونروا: الواجبات والتحديات”، شارك فيها عدد من النخب الفلسطينية واللبنانية.
وأكد البيان أنه، بالرغم من توجيه دعوة رسمية لإدارة “الأونروا” للمشاركة في الورشة، فقد اختارت المقاطعة من دون مبرر مقبول (موجودة خارج لبنان)، مشدداً على أن هذا التصرف غير مقبول، وأن التعامل مع القضايا المصيرية يجب أن يكون بعيداً من المزاجية والمبررات الواهية.
واعتبرت اللجان الشعبية أن دورها كمرجعية مجتمعية يفرض تعاوناً بل شراكة مع إدارة “الأونروا”، مؤكدة أن الحيادية لا تعني التخلي عن الانتماء الوطني الذي كفله القانون الدولي والإنساني. وأن من واجب الوكالة التنسيق مع منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
وشدد البيان على أن “الأونروا”، باعتبارها مؤسسة أممية مخصصة لخدمة الشعب الفلسطيني، لا يحق لأي مسؤول فيها التصرف وفق أهوائه ومصالحه، مؤكدة أن مقاطعة الورشة التي عقدت في سفارة فلسطين ببيروت تأتي في سياق مشاريع تهدف إلى تصفية “الأونروا” وتقويض عملها.