Site icon IMLebanon

مُشكلة مُرتقبة بين «الجنرال» و«الحُلفاء» بسبب «الأمنيّين»

منذ توقيع رئيس «التيار الوطني الحرّ» العماد ميشال عون وأمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله «إتفاق تفاهم» في كنيسة مار مخايل في الشيّاح في 6 شباط 2006، وتخلّي «الجنرال» عن تحالف قوى «14 آذار» الذي كان «التيّار العَوني» في أساس المُشاركين في التظاهرة المشهورة التي أعطت هذا التحالف إسمه، لمصلحة تموضع جديد مُختلف تماماً إلى جانب «حزب الله» في تحالف إستراتيجي متين، ومن خلف «الحزب» إلى جانب كل القوى «حليفة الحليف»، سَلّف العماد عون «حزب الله» وكل قوى «8 آذار» الكثير من المواقف، ووقف إلى جانبها في كثير من الملفّات، لكن في المقابل لم يجد «الجنرال» هذه القوى إلى جانبه في الكثير من المعارك التي رفع لواءها!

وفي هذا السياق، ذكّرت أوساط سياسيّة مُطلعة أنّ العماد عون عندما دعم في مواقفه العلنيّة أحداث 7 أيّار 2008، كان يظنّ أنّ التسوية التي سيفرضها الأمر الواقع الميداني الجديد، ستأتي به رئيساً، قبل أن يُضطر إلى الموافقة على تسوية المجيء بقائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، نتيجة حسابات مُختلفة للحلفاء ضمن قوى «8 آذار»، وبفعل توازنات إقليميّة لم يتمكّنوا من تجاوزها.

بعد ذلك، تابعت هذه الأوساط، خيّب حلفاء «الجنرال» آماله بالنسبة إلى مسألة التمديد للمجلس النيابي الذي كان قد إنتُخب في 7 حزيران 2009 ، وذلك عندما صوّتت أغلبيّة نيابيّة كبيرة وعابرة للتحالفات لمصلحة التمديد الأوّل حتى 20 تشرين الثاني 2014. ولم تحل معارضة «التيار الوطني الحرّ» دون ذلك. حتى أنّ محاولة «التيار» الطعن بالتمديد أمام المجلس الدستوري باءت بالفشل بسبب تطيير نصاب المجلس من قبل القوى السياسيّة المختلفة، وبعضها يُفترض أن يكون في صفّ «الجنرال» سياسياً. وقد تكرّر التباين بين رأي «الجنرال» وآراء حلفائه عند التمديد الثاني للمجلس النيابي نفسه حتى 20 حزيران 2017، على الرغم من رفض «التيار الوطني الحرّ»، ومن دون نتيجة تُذكر في الطعن الثاني الذي قدّمه أمام المجلس الدستوري أيضاً وأيضاً.

ولفتت الأوساط السياسّة إلى أنّ التباين بين «الجنرال» والحلفاء المُفترضين ظهر جليّاً أيضاً، عندما ذهب «حزب الله» والفريق السياسي المُتحالف معه في تفاهم سياسي غير مُعلن، يقضي بتقاسم السلطة مع «تيّار المُستقبل»، لتتراجع حصّة «تكتّل التغيير والإصلاح» من 10 وزراء في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي حكمت لبنان إعتباراً من 13 حزيران 2011 وحتى تاريخ إستقالتها في 22 آذار 2013، إلى وزيرين مباشرين هما جبران باسيل وإلياس بو صعب الذي يُشكّل نقطة إلتقاء بين «التيار الوطني الحرّ» و«الحزب القومي السوري الإجتماعي»، إضافة إلى الوزيرين روني عريجي وأرثور نازاريان المحسوبين على «تيار المردة» وحزب «الطاشناق» على التوالي، واللذين يُعتبران بالتالي من ضمن حصّة «تكتّل التغيير والإصلاح». وأضافت الأوساط السياسيّة أنّه مع هذا التحوّل، وجد «التيار الوطني الحرّ» نفسه مُضطراً للتخلّي عن خطابات رنّانة تتحدّث عن «الإبراء المُستحيل» مع «تيار المُستقبل» وعن «ثقافة الميليشيات» مع حزب «القوات اللبنانية»، ليدخل في مفاوضات ثنائية مع كليهما.

ولفت الأوساط السياسيّة إلى أنّ التباين بين «الجنرال» والحلفاء المُفترضين في قوى «8 آذار» ظهر أيضاً بشكل كبير في تموز 2013، عند التمديد لمدّة سنتين لكل من قائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس الأركان اللواء وليد سلمان، تحت صيغة «إرجاء تسريح»، وذلك في عهد حكومة الرئيس نجيب ميقاتي السابقة، وتحديداً بقرار من وزير الدفاع السابق فايز غصن المحسوب على «تيّار المردة». وذكّرت هذه الأوساط أنّ ما حدث إستدعى يومذاك الكثير من الوساطات لتذليل الخلافات بين العماد عون ورئيس «تيّار المردة» النائب سليمان فرنجية، تُوّجت بما عُرف بإسم «عشاء غسل القلوب» بين الزعيمين.

وأكّدت المصادر السياسيّة أنّ التباينات والخلافات بين «التيّار الوطني الحرّ» وقوى «8 آذار» في خلال السنوات التسع الماضية لم تقتصر على ما سبق تعداده أعلاه، بل طال العديد من القضايا الأخرى، منها ما عكّر العلاقات بين «الجنرال» ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، بسبب خلافات عدّة شملت مسألة إنتخابات دائرة جزّين، ومسألة المياومين في شركة كهرباء لبنان، ومسألة تقسيم وتلزيم «بلوكات» إستخراج النفط، ومسألة المازوت الأحمر، ومسألة هيئة إدارة قطاع النفط، ومسألة جباية الفواتير في بعض المناطق اللبنانيّة، وصولاً أخيراً إلى مسألة مقاطعة جلسات التشريع، إلخ.

وتوقّعت الأوساط السياسيّة نفسها أن تشهد العلاقات بين العماد عون وباقي قوى «8 آذار» توتّراً متصاعداً في الأسابيع القليلة المقبلة، على خلفيّة مسألة التمديد المُرتقبة للقيادات الأمنيّة بحجّة منع الفراغ في المناصب العسكريّة الحسّاسة، وذلك في حال فشل «حزب الله» في إبتداع تسوية ما تمنع حصول أيّ فراغ أمني، ولا تُسقط رهانات «الجنرال» على إيصال مُقرّبين منه إلى أعلى المناصب الأمنيّة، وتُبقي على حظوظه الرئاسيّة مرتفعة.

وختمت الأوساط السياسيّة نفسها بالتذكير إنّه بعد إنتخابات العام 2009 النيابيّة، ترأس العماد عون إجتماعاً موسّعاً لكتلة «التغيير والإصلاح»، ضمّ آنذاك 27 نائباً، 8 منهم لا ينتمون إلى «التيار الوطني للحرّ» بل إلى قوى حليفة هي «تيار المردة» و»الحزب الديمقراطي اللبناني» وحزب «الطاشناق». لكن اليوم، ومع غياب كل من الزعيمين سليمان فرنجية وطلال أرسلان الدائم عن إجتماعات التكتّل، وعن الحضور غير المُلتزم لأعضاء حزبيهما، شأنهما شأن أعضاء الحزب الأرمني اللبناني الأقوى شعبياً، تبعاً للظروف ولمواضيع البحث وكذلك لمدى الإتفاق مع «الجنرال»، فإنّ الأكيد أنّ أولويّات قوى «8 آذار» تختلف عن أولويّات العماد عون، ومن المُرجّح أن تؤدّي الفوارق إزاء مسألة التمديد للقادة الأمنيّين إلى مُشكلة كبيرة بين الطرفين في المستقبل القريب.