IMLebanon

الحرب القائمة والقادمة

 

إستناداً إلى تنبؤات محطة الـCNN الأخيرة، لا مفرَّ من حرب إسرائيلية ضد «حزب الله»، اذا لم يكن الآن ففي الربيع، في أوله أو في آخره لا يهم.

 

الحديث عن حتمية هذه الحرب لا يأتي من فراغ، ولا من تحليل ايديولوجي ثابت منذ خمسينات القرن الماضي عن طبيعة الكيان الغاصب وأحلامه التوسعية، ولا من مستندات جمعها مناصرو فتح جبهة الجنوب أمام الفدائيين قبل أكثر من خمسين سنة بحجة أنّ إسرائيل دولة معتدية، وأنّها اذا كانت لا تعتدي الآن فستعتدي غداً… إنها حرب مرتبطة بالتطورات التي سبقت ورافقت معركة غزة، وانخراط «حزب الله» عبر الجنوب اللبناني فيها بقرار اتخذه هو ومن يمثل في فتح جبهة قال إنها محدودة ضمن مهمة مساندة أطراف محور المقاومة في القطاع الفلسطيني.

 

حرب «حماس» بدت محدودة أيضاً. كان هدفها، كما يمكن التكهن، توجيه صفعة لإسرائيل واحتجاز رهائن بهدف مبادلتهم بأسرى فلسطينيين. لا نتحدث هنا عن تحليلات أخرى حول بدء معركة التحرير النهائي أو نسف مسارات التطبيع…

 

لكن رد الفعل الاسرائيلي فاق التوقعات. بل فاق الطبيعة العدوانية التقليدية للسلوك الصهيوني. توحد « الكيان» حول نتنياهو بعد أن كاد يلفظه وصار شعار «إما نحن أو هم « هو السائد. جرى تدمير غزة وقتل أهلها، وتكرس شعار القضاء على التهديد بالقوة. في إسرائيل بات عنوان الاجهاز على « حماس» مساوياً لشعار القضاء على التهديد الذي يمثله «حزب الله». الاثنان «على الحدود» والاثنان يرفعان شعار القضاء على الدولة العبرية.

 

حول ذلك يسيل حبر المحللين الاسرائيليين وتتوالى تهديدات قادتهم. هم يعترفون بقدرات «حزب الله» الكبيرة والتي ربما تفوق قدرات فصائل غزة، لكنهم يجمعون على هدف وحيد: تحييد «الحزب» وعناصره ومنعه من تشكيل تهديد دائم. في سبيل ذلك لا يمانعون في حركة اتصالات وضغوطات تقوم بها أميركا وفرنسا ودول أخرى، لكن احتمال الحرب المدمرة يبقى قائماً في خلفية المشهد ومقدمته.

 

اذا حصلت هذه الحرب، تحسب إسرائيل أنها ستتلقى آلاف الصواريخ المدمرة. هي تعترف بقدرات «حزب الله»، لكنها في المقابل ستدمر لبنان. كتب يوسي ميلمان، القريب من القيادة الأمنية الإسرائيلية، شارحاً ما سيحصل في لبنان اذا قررت إسرائيل الانتقال من الردود المحلية الحالية إلى شن هجوم واسع، انه «في الحرب المقبلة سيقوم سلاح الجو بتدمير المطارات المدنية والعسكرية كلها، والجسور والموانئ، ومحطات توليد الطاقة… وسيجري فرض حصار بحري، ويدمر سلاح الجو كل ما يعترض طريقه، وستشن حرب سيبرانية تضرب كل البنى التحتية للحواسيب والكابلات والاتصالات في لبنان».

 

إنه وصف تقريبي لاحتمال قائم ينقصه القول إن لبنان المدمر أصلاً لن يجد من ينتشله من مأساته فيما تحظى إسرائيل برعاية دولية ومئات مليارات الدولارات. الحرب واردة إذاً، وعلى الحريصين على وطنهم اللبناني أن يمنعوها.