Site icon IMLebanon

ترقية روكز وحده ممكنة

يندرج تحديد الموعد الثاني لانعقاد طاولة الحوار بعد اسبوع على الاجتماع الاول لها في مبنى مجلس النواب، خلافا للواقع المعتمد في الجلسات النيابية لانتخاب رئيس للجمهورية، بحيث يكون الفارق بين المحطات الانتخابية، أقله ثلاثة اسابيع اذ يندرج هذا القرار الذي يلجأ اليه صاحب الدعوة رئىس مجلس النواب الرئيس نبيه بري في خانة الدور المرسوم لها من قبله والمختلف كليا عن مهام الجلسات الانتخابية الرئاسية، ولذلك فإن لا مكان في «الذهن الاستراتيجي» للمحيطين ببري للتفاصيل على غرار السجال الذي حصل بين رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون وبين وزير الاتصالات بطرس حرب الذي لم يتعد ثواني لا تتجاوز الخمس.

فيما العامل الاساسي هو ان هذه القوى التقت مباشرة وعبرت عن مواقفها السياسية التي تعلنها وترددها دائما، لكن هذا الواقع شكل تقاربا فيما بينها للمناقشة عن كثب لهذه الافكار التي ستستكمل في الاجتماعات اللاحقة.

اذا، ولدت منطلقات بري للدعوة الى هذا الحوار الوطني (قاطعه رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع) استنادا الى ترجمته العملية للمقولة الداعية لالتقاط «اللحظة المناسبة» في ظل مشهد دولي – اقليمي يظهر تحولاً ضئيلاً نحو متابعة احداث المنطقة وازمات دولها، لا سيما بعد الواقع التهديدي الذي اضحى عليه «داعش» من ان يحمل هذا المشهد وفق اوساط في تكتل بري اي مؤشرات عن احتمال مقاربة تسويات او حلول قد ينال لبنان منها ما هو مطلبه المحدد. لكن ذلك لا يمنع ان تكون القوى السياسية في حالة من التقارب والحوار تمكنها من ملاقاة اي مسعى او مبادرة دولية – اقليمية على ضوء المشهد المستجد بين واشنطن وبين طهران وتحول رئيس الولايات المتحدة الاميركية الى مدافع عن ايران.

اذاً في منطق المحيطين ببري ان الجهوزية ضرورية وان كانت المؤشرات لا تدل على الاقتراب من الملف اللبناني بهدف استثمار الوقت ايجابا وليس استهلاكه في ظل الواقع الاقتصادي الصعب واستمرار الفراغ الرئاسي بتداعياته والذي تريد ان تخرج منه كل القوى وفق ما تجده مناسبا لخياراتها وحساباتها.

لكن ماذا لو حصلت تسوية دولية – اقليمية او تفاهم يدفع لانتخاب رئيس للجمهورية، ورفض العماد عون، طالما هو موجود، التراجع عن ترشحه لصالح رئيس تسوية؟ وهو الذي استعرض مناصريه ليؤكد على موقعه السياسي – الشعبي؟

تقارن الاوساط ذاتها بين الواقع الحالي لعون وبين السابق الذي كان عليه منذ نحو ثمانية اشهر، لتقول ان لا حاجة لعون فقط وليس للتيار الوطني، لاظهار واقعه الشعبي ومدى قوته. فحتى حينه لا نقاش بان «شخص عون» يستقطب كماً من المؤيدين، لكن منذ اشهر عدة خلت، كانت علاقته جيدة بتيار المستقبل بما يمثل هذا الفريق من حضور وكان الامر ذاته مع بري، وكان رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط يعرب عن استعجاله لضرورة انتخاب رئيس. في موازاة كل هذه العوامل كان الكلام في المحافل الدولية بان لعون حقاً وافضلية في هذا الاستحقاق من باب التأثير واختيار الرئيس، كان في ظل لحظة مناسبة له. لكن حالياً اضحى في خلاف مع تيار المستقبل ومع رئيس حركة امل نبيه بري كمكون اساسي وفريق واسع داخل الطائفة الشيعية.

وكذلك تراجعت علاقته مع جنبلاط بما افقده حالياً ورقة اختيار الرئيس ونسج تفاهم متكامل معه حول مستقبل الوزير جبران باسيل وتعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش اللبناني الى غيرها من نقاط ممكن ادراجها في سلة تفاهمات، اذ حالياً تعدلت الوقائع والتوازنات.

وايضاً، ماذا لو ربط عون عدم ترشحه بضرورة حصوله على قانون انتخاب نسبي يطالب به؟

تجيب الاوساط ذاتها، ان قانون النسبي على قاعدة الارثوذكسي غير مقبول، اما اذا ما كان على قاعدة البعد الوطني فلا مانع من مناقشته، يمكن في الوقت ذاته تعكس الاوساط المحيطة ببري، بانه في حال سلكت التسوية طريقها فلا امكان لعرقلتها مستذكرة تسوية «الدوحة» التي جاءت متكاملة بين انتخاب رئيس الجمهورية، لتسمية رئيس الحكومة وتشكيلتها، وكذلك صورة قانون الانتخاب…

وفي الجانب الموازي للسياسي، ثمة استحقاقات اقتصادية ومالية يواجهها البلد تكمل الاوساط، بما يتطلب تأمين مناخ لتسيير عمل الحكومة وتأمين تشريعات لاقرار قوانين لصالح افادة كل المناطق، بحيث ان مبلغ الستين مليون يورو لصالح توسيع اوتوستراد بيروت – جونية بات مهدداً باسترجاعه من قبل الهيئات الدولية الممولة، بعد ان تمكنت وزارة المالية من جعل قيمة الاستملاكات على عاتق هذه الجهات وفق صيغة تعتمد للمرة الاولى في هذا السياق، لكن هذا المبلغ قد مدد له حتى نهاية العام الحالي بعد تدخل وزير المالية علي حسن خليل لصالح عدم التراجع عنه وكذلك عن المبلغ المرصود لصالح بناء سد بسري الذي يستفيد منه ما يقارب مليوني مواطن.

وفيما خص اعادة احياء العمل الحكومي في ضوء موقف عون المرتبط بالتعينات الامنية تقول الاوساط، انه حتى حين يتم التداول في صيغة قانونية لا تمس هيكلية قيادة الجيش اللبناني اذ ان رفع سن التقاعد للعمداء خيار غير قابل للاعتماد به نظرا لتداعياته على اتساع التضخم في هذه الرتبة، في حين ان الصيغة التي تقضي بان تتم ترقية 12 عميدا الى رتبة لواء، وبأن يكون قادة المناطق من رتبة لواء ويضاف اليه روكز، لم تنجح لكون قائد الجيش اللبناني قد يلجأ لظروف خاصة بالمؤسسة الى استبدال قائد منطقة بآخر واتخاذ اكثر من قرار في السنة ذاتها، وبذلك اضحت هذه الصيغة معقدة وتدفع بان يرقى كل عميد يتولي قيادة منطقة لأشهر والعودة باستمرار الى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار. وكذلك لم تتقدم الصيغة ذات الصلة بترقية مساعدي رئيس الاركان وقادة الافواج لتداعياتها السلبية ايضا على هيكلية المؤسسة وتراتبيتها. لكن الاوساط ذاتها لا تستبعد اللجوء الى خطوة تقضي بترقية العميد روكز فقط الى رتبة لواء مع ما يحمل هذا الاجراء من ارباك داخل المؤسسة العسكرية من خلال اظهار الامر وكأن روكز هو القائد المقبل للجيش اللبناني…

ولكون البلاد تضج بكل هذه المسائل الحساسة في موازاة التحرك المدني، كان لا بد من طاولة الحوار وفق الاوساط بهدف تحضير البلاد للتحاور المباشر والرهان على احتمال ملاقاة اي تفاهم دولي – اقليمي او تحرك اي راع خارجي لملاقاة هذا التحرك الحواري الداخلي تسريعاً للحل…