كان يوم ١٤ آذار ٢٠٠٥، حدثاً كبيراً في تاريخ لبنان.
كان انتفاضة عفوية.
أقل من ثورة جماهيرية.
وهو حدث قد لا يتكرر.
لكنه مؤهل لصناعة الأوطان.
واغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كاد أن يتحول الى ثورة.
لكنه كان ابن نقمة عارمة.
وليس من السهولة بمكان، أن يفقد وطن رئيس وزراء، في قلب العاصمة التي أعاد تعميرها.
ولا أن يمضي عشرة أعوام، والمحكمة الدولية في لاهاي، ولا تملك توجيه الاتهامات باغتياله الى أحد.
قد يكون المتهم معروفاً، الا ان القرائن لا تزال غامضة.
والغموض هو الشكوك.
والشك ليس في صالح تسديد الاتهام الى أحد.
والحرب قائمة في المحكمة بين من هم متهمون،
وبين من هم شاهدون – بالنية – على المتورطين.
يقال ان الجنرال بيرون، طلب من شاعر الارجنتين خورخي لويس بورخيس الانضواء في الحزب الحاكم، فأبى.
ويقال ايضا ان الرئيس بيرون أرسله عاملاً في أحد مزارع النحل.
الا ان الشاعر أضرم بقصائده الثورة.
وان جنرال الارجنتين لم يخمد النقمة في القلوب والصدور على حكم البطش والاستبداد.
و١٤ آذار، كان يوم الانتفاضة على الظلم.
لكنه لم يتحول الى ثورة على الوصاية.
الا ان ثورة الأرز ولدت من رحم الانتفاضة.
ومع ذلك لم تكن ثورة.
وإن نمت في القلوب والصدور.
كانت أكبر من نقمة.
وأقل من ثورة.
يقولون ان قوى ١٤ آذار، تعيد الآن ترتيب الذاكرة، على أبواب الذكرى.
وهذا أبرز قرار تتخذه في هذه الحقبة.
منذ عشر سنوات ضاقت ١٤ آذار بوجوه كالحة.
ضمّت الى صفوفها معظم الراغبين في الانتفاضة على مرحلة قائمة.
كان فيهم حقد لا رأي.
وهكذا ضاع الحابل بالنابل.
ولم تعد الثورة ثورة حقيقية.
عندما بادر المفكر كريم مروة فوراً الى تقويم الثورة.
وحذّر من سطحيتها والأحقاد.
خاف عليها من أصدقائها والمحبين.
وكتب مقالات ضد الضياع، بين السفسطة والرتابة والهذيان.
هل تتحول الذكرى الآتية الى مؤسسة.
هل تطلق ١٤ آذار، المجلس الوطني لهذه القوة.
وهل ١٤ آذار بحاجة الى نمط جديد شبيه بالأمانة العامة للحركة.
يوم هبط عشرات الألوف من الناس، من أعالي الجبال.
ونزلوا من السفوح الى السهول، تحولت بيروت الى ميدان يغْلي بالثورة لا بالثوار.
والمطلوب أن يكون الغليان بالاثنين معاً.
ولهذه الأسباب، تراجعت ثورة الأرز الى مجرد معارضة.
والمطلوب أن تتحول من معارضة الى ثورة.
كان المطلوب أن تكون أرفع شأناً من حركة احتجاجية، الى حركة تغييرية لا تجتاحها الرتابة.
وهذه ملاحظات حريّة بالدرس، وجديرة بالمناقشة.