نواب تكتل الإصلاح والتغيير ما زالوا في حالة إستنفار قصوى بانتظار ما يُقرّر رئيسهم العماد ميشال عون في اجتماع التكتل اليوم، هل يوعز لجماعته ومحازبيه بالنزول إلى الشارع وإحداث الفوضى في البلاد كما هدّد بعد أن أصدر وزير الدفاع قراره بتأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي سنة واحدة قاطعاً الطريق على رئيس تكتل التغيير والإصلاح الذي يسعى لإيصال العميد شامل روكز إلى مركز القيادة، أم أنه أدرك أن التطورات الداخلية لا تسير لمصلحته في حال قرّر الاستمرار في التصعيد وأن حليفه الأساسي حزب الله ليس في وارد الذهاب معه إلى آخر الشوط لأن له حسابات مختلفة عن حساباته على هذا الصعيد وأولها زيارة وزير الخارجية الإيراني اليوم إلى بيروت، ورغبته في ترطيب الأجواء الداخلية في لبنان بعد توقيع الاتفاق النووي مع الدول الخمس زائد واحد وقرار الحكومة الإيرانية الانفتاح على العالم من باب اعتماد سياسة الاعتدال والمساهمة في حل المشاكل العالقة في المنطقة، ولا سيما علاقاتها مع الجوار والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص.
الواضح حتى الآن أن الحكومة اللبنانية ورئيسها تحديداً ما زالت تأمل بأن يتراجع العماد عون عن تهديده بتعميم الفوضى في البلاد استجابة للاتصالات الحثيثة التي تجري معه من أكثر من طرف سياسي بينهم كما توحي تصريحات رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمّد رعد التي أدلى بها أمس والتي ركز فيها على المساعي المبذولة للتهدئة وتجاوز أزمة التعيينات الأمنية، لكن الحكومة لا تنطلق في تريثها من ضعف كما توحي مواقف نواب تكتل التغيير والإصلاح وإنما من موقع قوة وإصرار رئيسها على وضعها أمام مسؤولياتها ودفعها إلى أن تفعِّل عملها وتخرج من حالة الدوران حول آلية عملها في حين أن المادة 65 من الدستور واضحة كل الوضوح ولا تحتاج إلى اجتهادات أو إلى أي تفسير.
وهذا الموقف لرئيس الحكومة يبدو أن لا عدول عنه كما تؤكد المصادر المقرّبة منه، حتى ولو عاد النائب عون عن تهديده والالتزام بسياسة الحكومة الجديدة، والتي تقوم على الإنتاجية وعلى الالتزام بالدستور ونصوصه وعدم الخروج عنه، تحت الضغوط التي تمارس على الحكومة من داخلها وخارجها، ما يعني أن جلسة مجلس الوزراء التي دعا سلام إلى عقدها بعد غد الخميس، مقرر لها أن تكون جلسة إقرار بنود جدول الأعمال وليست جلسة مماحكة ومناقشات بيزنطية كما كان حالها منذ أن فتح وزراء عون ملف التعيينات الأمنية وأعطوه الأولوية على البحث في أي موضوع آخر.
الرئيس سلام، ما كان ليُقدم على هذه الخطوة لو لم يتلقَ الدعم الداخلي والخارجي للحكومة والإجماع على بقائها في الحكم حتى تمنع سقوط الدولة في الفراغ الكامل، بعدما تعذّر انتخاب رئيس للبلاد وبعد تحوّل مجلس النواب الممدّد له إلى جمعية عاطلة عن العمل التشريعي وغير التشريعي، وبذلك يكون وضع حداً للحالة الراهنة، وأطلق من جديد صفارة الانذار لكل من يعمل على شلّ الحكومة وإسقاط النظام.